تمر
علينا اليوم الذكرى الثانيّه لتأسيس مركز علي الوردي للدراسات والبحوث اللذي أسسه
باحث الأجتماع القدير الدكتور صباح عبود أبراهيم , مع نخبة من المثقفين والكتّاب والفنانين
, ليؤسسوا عمليّا" و للمرّة الأولى في تاريخ بلاد العرب والمسلمين , لنظريّه
المجتمع المدني المتكامل و اللذي وضع لبناته الأساسيّه المفكر الراحل الدكتور علي
الوردي في مؤلفاته الخالده وأطروحاته التي تتميز بأنها التحليل الأصدق لطبيعة
مجتمعاتنا , خصوصا" مجتمعنا العراقي .
لا
يختلف أثنان على أن مؤلفات الدكتور علي الوردي وضعت الخطوط العريضة لبناء مجتمع
متحضّر تسوده الفضيله وتكون الديمقراطيّه هي الفيصل فيما يتعلق بالسلطه و القوانين
والدستور وحماية الحقوق المدنيّه , بل أن تلك الخطوط تمثل برنامجا"
ناجحا" لأدارة الدوله بالصورة الحديثة , وربما سائل يسأل , مادام عندكم الحل الأمثل لاَفات نهشتنا وصراعات أتعبتنا بل
حطمتنا , لماذا لم نضع مؤلفات الدكتور علي الوردي مسارا" أو خارطة لطريقنا ,
مادامت تؤدي بنا الى بر الأمان و تجعلنا بمصاف المتطور من البلدان , سيكون جوابنا بالتأكيد
, أن المثقفين في مجتمعنا تأثروا بفكر علي الوردي , كل على حده , ولم تجد تلك
الأفكار لها طريقا" للوصول الى الوعي العام للمجتمع , و هنالك عدة أسباب نعود
الى كتب علي الوردي نفسها لتكشفها , فالساسة الشموليون و البعض من المعممين و
أفكارا" مطمورة في نفوس البعض منّا كانت هي السبب في أبطاء التطبيق لفكر
الوردي , ولكن بعد أحداثا" جسام خلال ما مر في القريب من الأعوام , و برز
الصراع على أشده بين مؤججيه من شتى الأصناف , أعداء أذكياء وجهلاء , مدفوعين بسيل
مؤامرات يحوكها أحتلال من الأميركان الغرباء , هم الأكثر غباءا" في تحليلهم
للمجتمع العراقي ومعرفة تركيبته الجدليّه , فكانت الوصمه التي تركت أثارا"
واضحة على ماتبع الأحتلال من حكومات تسمى وطنيّة وأنتخابات ديمقراطيّه يرشح فيها
فقط من أتى مع المحتل أو رضخ لخطتّه التي يسعى من ورائها الى تدميره , أنزوى
المجتمع العراقي بعيدا" , وأغلق عامّة أبنائه أبوابهم عليهم منغلقين, وأسدلوا
الستائرمتراجعين , ففرغ العراق من مجتمعه , فأصبح البلد الأول في العالم , اللذي
يحكمه أغراب , بينهم وبين الشعب ألف وادٍ و واد, فعم الفساد , وأستحال الوطن
الى خراب , ولكن هل نستسلم للمصير ونكون مثالا" للتعيير بالسيء والرذيل , كلا
وألف كلا , فنحن سليلي الحضارة , نملك الدواء لكل العلل فموروثنا زاخر , وعلمائنا و مفكرينا
تنبئوا بما يحدث الان منذ قرابة قرن ان لم يكونوا أستشعروه منذ الاف السنين , ومن
هنا كانت البداية .
حيث
قام الباحث الدكتور صباح عبود أبراهيم مع ثلّه من الأخيار وبدافع وطنيًّ خالص
بأنشاء (مركز الدكتور علي الوردي للبحوث والدراسات) فكان صاحب الفكره و الجامع
للصفوه و صمام أمان فريق العمل , باعث روح التعاون و أسترار التواصل ,وشاركته
الفنانة والكاتبه (عالية الوهاب ) التي نعجز عن وصفها , فهي تارة شاعره , وأخرى فنانة
من الطراز الأول وأخرى عراقيّه بسيطه من لب العراق , فكانت الأبنه البارّه لبلد
الحضارات , وأنتفضت الكاتبة (نيران العبيدي ) ونحن محتارين كثيرا" في تحديد
هويّتها فهي تتقن كل اللهجات و لايخفى عنها مايجري في حواري بغداد أو شناشيل
البصرة , حتى تعلمت منها أن المرء هو أبن لكل البلد وأن المناطقيّه سيئة , أسسها منظر
فرّق تسد , و كانت الأنتفاضة مستمرّه , (الأستاذه
أقبال الجميلي ) المتألقه و(الأستاذة الرائعه أنعام الونداوي ) ومبهرتنا (الأستاذه باهرة الشيخلي
)التي ألهمتنا الكثير و الكاتبة المتميّزة (الأستاذه شذى أحمد) التي تطرق كل ماهو
غير مطروق من أدب المجتمع , وشاعرة المعلّقه الثامنه (الأستاذة كوثر نجم عبد الله),
و(الكاتب عمر علي) القريب الى القلب اللذي يسبر الغائر من باطن أمور المجتمع
العراقي و شاعرنا الوفي اللذي شرب ماء الحياة من كثرة تقليبه في بواطن الكتب
(عدنان الدوسري) و المفكره (أنوار الوزّان ) و المتفاني (المهندس ناثر) والوطني اللذي
رهن روحه للعراق (أستاذنا سلام الشماع) و(الأستاذ وليد الجنابي) اللذي يستحق كل
الثناء أينما حل وكان, واخرون من نخب المثقفين , ولا ننسى عمالقه العراق اللذين
رعوا المركز (الأستاذ سيار الجميل و محمد مظفر الأدهمي) , فكانت نعم البداية , وأسمى
دوافع الهداية الى مجتمع مدني حر
, أفكاره صروحا" بنائيّة نحو غدٍ مشرق والفضل لمن
جعلوا التبصير أحترافا" وهوايّة , وأصبح المركز أنموذجا" للمجتمع العراقي بصورته
المصغرة , وأثبتوا أن الفريق سينجح بالتعاون والتحاور , كل واحد يكمّل الاخر ,
جعلونا نقف حائرين الى من ينتمي هذا العضو أو ذاك, أي عرق ودين , لشدّة ماكانوا
للذات ناكرين , نقف مذهولين , فكانت النتيجه , أن المأرب قد تحقق بالتنوير بأفكار مفكرنا
الخالد (الدكتور علي الوردي) ليدخل الى المجتمع من أوسع أبوابه , الى كل المجتمع
, فالمريدون كثيرين , والمعجبون يزدادون , فأصبح المركز قبلة للناظرين بجهود
الخيّرين , فهاهو فكر (علي الوردي) ينهض من جديد , بل أن مفكرنا الخالد حي يرفرف
بروحه حولنا بوجودكم أيّها الأخوة , أليكم منا أساتذتنا الأفاضل أسمى و أنبل تقدير .
25-4-2011بقلم محسن لفته الجنابي في
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق