أخوكم حسن راح , كان صوت والدتي يصدح بنبرة مرعبة جعلتنا نهتز حد النخاع كالطيارين حين تردهم أشارة الأنطلاق
أخذت معي شقيقي صباح و ذهبنا نبحث في المجهول وسط الركام , كانت الفرق الغازية تدخل بقطار لامنتهي من الجنوب , في اليوسفية لامستنا أحد الناقالات و تضررت سيارتنا الكرونا الزرقاء , طريق الدورة مغلق بسبب الأشتباكات المتقطعة , عدنا الى المحمودية , كان المستشفى مقبرة لشباب العراق , بحثنا ولم نجد شيئا" في قوائم الأسماء , عزمنا على دخول بغداد فنحن لسنا أفضل حالا" من مئات الشباب , دخلنا عن طريق الـ 37 الى هور رجب , فأهل بغداد أدرى من الغزاة , كان خاليا" من القطعات , في المهدية كان هناك شابّين على حافة متنزه , يدفنون و يضعون شواهد , منهم عسكريين و فدائيين و أبرياء , كانوا صامتين أما نحن فكنّا نتطلع بحذر الى الأرض , خشية ان ندوس على جثمان أو كرة عنقودية أو ألغام , تحركنا الى جامع شاكر محمود , لم نجد سوى فتى أرشدنا الى المقابر العشوائية , توجهنا الى مستشفى اليرموك , كان الحارس يحمل (توثية ) نسأله عن الشهداء فيما يستنجدنا لنحميه من الحواسم فقد صالوا على المستشفى ليلة أمس ومؤكد سيعودون اليوم , مثله كان حارس الهلال الأحمر في المنصور , ومستشفى الأطفال في الأسكان ومعها مستشفى الكاظمية و الكرامة الى آخره من المستشفيات و ختمناها في الشيخ معروف , من المشاهد التي لاتفارق الخيال :
عائلة من الأبوين في سيارة تحمل رقم (زراعه ) مع ثلاثة أطفال محترقين , و عشرات السيارات جميعها في عين محرقة كبيرة تحت جسر الدورة الكبير , و في ساحة أم الطبول عشرات من القبور دون شواهد أختلط فيها المدنيين بالعسكريين وكأنها مقبرة النجف التي أستحدثت في نهاية شارع المطار , في مدينة الطب , ترك العاملين المكان و أخبرتنا أمرأة عجوز أن ديوان الرئاسه كان يحتفظ بألف وخمسمائة سيارة داخل المدينة الطبية و أن كل موظف أخذ سيارة أو أكثر و هم مع أقاربهم يذهبون و يعودون , والقوائم تجدونها عند (سيد حسين ) ولم نجده حتى دخل المستشفى الأمريكان .. جثة لجندي عراقي مع بندقيته في وسط الشارع أمام فندق المنصور , أردنا الترجل فصاح بنا أثنين كانوا يرتدون دشاديش , لاتقتربوا فهو مرصود من الأمريكان , أستدرنا نحو الصالحية , وأمام وزارة الخارجية بالتحديد كان يدحرج صندوقا" مضلعا" من الألمنيوم , سألناه هل من شهداء سقطوا هنا : كان مرتبكا" وعمره لايتجاوز 17 عام , ترك صندوقه وهرب , فناديناه : يمعود تعال أخذ أغراضك , ما عدنا شي وياك , مجرد سؤال .. لم يجبنا و أخذ صندوقه وتوارى بين العمارات
.. وبعد فترة مابين اليومين والأيام :
أتى ممثل الفرقة 101 لفاتحة أخي التي أقمناها بداره في حي الجهاد ليعتذر و يتألم كأنه الأم تيريزا عليها السلام !!!
.
عرضت القنوات الأخبارية تقريرا" عن أموال النظام السابق , وأنه قد أخفاها في صناديق ألمنيوم مضلعة مختومة بالشمع الأحمر و كانت من طراز واحد يشبه الصندوق الذي رأيناه يتدحرج و تركه الفتى ليهرب ... ثم عاد كان بداخل كل منها مبلغ قدره 750 ألف دولار ,
اللهم أنعلك يالشيطان
العراق أمانة في رقاب أبنائه وسحقا" لمن لم يصنها و الخزي واللعنة للغزاة .. أنتهى حتى نلتقي بعد عشر سنوات
محسن لفته الجنابي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق