كانَ هناك ملا يسمى رجب ، رجلاً عجوزاً رقيق الحال لم يضرب احداً من التلاميذ وكانت المحلة تسمى العنازية نسبة الى عشيرة عنزة اصل العكَيل حيث تسمى المحلات باسماء العشائر مثل محلة البوشبل ومحلة العزة والفلاحات والمشاهدة والكَريعات والفناهرة والخشالات او تسمى باسماء اناس سكنوها وتركوا بصماتهم فيها مثل محلة عيضان وقهوة شكر وابو دودو وقنبر علي، او بأسماء الصوفيين او الائمة الموجودة قبورهم فيها مثل محلة سراج الدين والشيح الخلاني والفضل والشيخ عمر والشيخ معروف والشيخ جنيد وغيرهم. وبعد اشهر انتقلت الى ملا (مهناية)وهي اشهر امرأة ملا في جانب الكرخ ويندر ان يسلم احد من الكرخ من بين يديها ولا يختتم القرآن الكريم الا عندها. وكان بيتها في محل مستشفى الكرخ للولادة، تعاونها بنت اختها المرحومة (ملكة) التي تزوجها المحامي يوسف المولى ثم توفيت على اثر عسر في الولادة لان زوجها واهلها رفضوا ادخالها المستشفى لان الاطلاع على عورات النساء ولو من طبيب حرام وهكذا راحت ضحية الجهل والخرافات. وكانت تقدم الهدايا للملا في المناسبات مثل انهاء جزء عمّ او الوصول الى سورة لم يكن او تبارك عدا ايام الاعياد. ومن اشهر الملالي في جانب الكرخ الملا داود العاني في محلة الفحامة وكان صعباً وشديداً. الملالي لا يختلفون بشيء وكلهم سواء في اصول التدريس او نوعية المحلات وما فيها يتساوى في ذلك الملا داود في الكرخ والملا الافغاني والملا خليل والملا عبدالوهاب، لكن السيد شاكر البدري يختلف عنهم فمحله يشبه المدرسة وهو واقع في محلة جديد حسن باشا وعنوانه مكتوب (المدرسة الاحمدية) ولم يكن يستعمل الفلقة ولا التنكات للكتابة. وهناك ملالي اخرون يطلق عليهم لقب (لالة) مثل لالة هراتي ولالة عليوي ولالة جليل ولالة خديجة وغيرهم. ويظهر ان كلمة (لالة) تستعمل فقط جانب الرصافة بالمحلات التي يكثر فيها الاتراك و لالة يطلق على من يحتوي محله اطفالا صغارا، وهو يقوم احيانا بجمعهم من البيوت واعادتهم ولا تطلق لالة على الملا الذي يدرس الصبيان او البنات الكبار فلا يقال لاله مهناية ولا لاله داود، إذ يعتبر حطا من قدرهم.وتعتبر لالة هي الروضة والملا هو التمهيدي والابتدائية. كان للملا عارف مروحة سقفية من القماش وفي اسفلها مجموعة من الحصى توفر لها الثقل اللازم بمنعها من الارتجاج ويكلف الملا من يسحبها من الذين قد رضي عنهم في الكتابة والقراءة لان سحب المروحة يعتبر نوعا من الامتياز والترفيه واللعب كذلك هو استراحة. اما اشارة شرب الماء فهي رفع الخنصر الايمن مع التلوي واظهار التبرم والضيق كي يسمح بالذهاب الى جامع الخفافين لقضاء الحاجة اما الولد المختص بالتفليق فكان عباس عبدالحسين الذي صار مختارا لمحلة الشيخ بشار في الكرخ. وكان الملا عارف يستوفي اجورا شهرية ودوامه الصيفي الى ما بعد الظهر بقليل اما الشتوي فالى صلاة العصر حيث ينعقد مجلس الادب والفقه الى صلاة المغرب ثم الى البيت.
محسن لفته الجنابي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق