أغلب أصحابي المجانين يتذكرون كتاب قبو البصل وهو مجموعة
قصصية لأفضل عشرين كاتب ألماني ترجمها الدكتور سامي الأحمدي متفضلاً
بأسلوب العرب ونباهة الألمان , وباب التذكر وعدم النسيان متأتي من كون ذلك
الكتاب كان الأخير الذي دخل العراق قبل حظر الطباعة وأعتبارها من الكماليات
حين منعتها السلطة آنذاك بقرار رسمي دعماً للمجهود الحربي في مواجهة
الحصار مما حدى بزملائنا المجانين الى اللجوء الى الأستنساخ (الورقي طبعاً)
وليس أستنساخ النعاج , لازلت أتذكر قصة وردت في ذلك الكتاب كانت بعنوان
(الصرح) فكرة القصة تدور عن مقارنة بين شخصين , تنافسا على الحكم , الأثنان
أقتربا من الفوز بها بنفس المسافة والمؤهلات والحق , الأول أصر و هدد
وتوعد , أما الثاني فكان مسترسلاً بالهدوء وللجميع يحترم و يتودد , وفي
غمرة التنافس توصل الأثنان لأتفاق , تنازل الثاني للأول عن كرسي الحكم ,
على شرط , أن يتركه يبني (صرحاً ) فقط , وكان له ما أراد , فتوارى الحالم
منشغلاً بصرحه ليترك الأول ينال الحظوة والأهتمام من عامة الشعب مزهواً
بأمتلاك الجاه والمال فأجتمع حوله الناس المبجلين له ليل نهار طوال فترة
حكمه , مر الوقت و أنتهت فرصة الأثنان في الحياة , حين مات الأول صاحب
السلطة تناساه أتباعه ونال مانال من سباب ولعان , أما الثاني حين مات بقي
صرحه خالداً تتمجد به الأجيال .
في نفس السياق أذكر مشهدين جعلاني أندهش و أتفاجأ , كلما تذكرتهما أدخن بدل السيجارة الواحدة سيجارتين , الأول حصل قبل سنة و الثاني حصل قبل يومين .
ما حصل معي قبل سنة أنني كنت عائداً من مكان بعيد , فوجئت بالطريق الذي سلكته وقد تحول الى معسكر ولكن ليس ككل معسكر , كان أطول معسكر في التاريخ , تصوروا أن طول الطريق مائة وأربعون كيلو مترا جميعه صار ترسانة أسلحة محاطاً و بتنسيق متقن بالدبابات و العجلات و العسكريين , عرفت أن فرقتين كاملتين تؤمنانه , وطائرات تحلق على أمتداده جيئة وذهاباً وكل ذلك حصل لأن (شخص واحد) كان يزور مدينة في نهاية الطريق , عرفت ذلك في مساء نفس اليوم من التلفزيون , ومن الأخير نفسه عرفت أن دوائر الطب العدلي سجلت وفاة ثمانية وسبعين شخص في حوادث متفرقة في خبر لم تتجاوز مدته نصف دقيقة بالضبط .
المشهد الثاني أبن يومين , مررت لشراء شيء من صاحبي (أبو حسن) وهو رجل كهل تعرفت عليه منذ سنوات حين أنتقل الى حي النصر بعد أن هُجّر من حي الأمين , الرجل يمتلك صفة مميزة , فهو رغم خسارته لبيته الكبير الذي كثيراً ماحدثني عن حجمه و حديقته وجماله , ومعاناته في الحصول على راتبه التقاعدي , كان دائم الأبتسام والترحيب , توقفت عنده يوم أمس الأول لشراء شيء فشاهدت شيئاً غريباً , فوجئت به يجلس القرفصاء على الأرض في منظر غريب و الدكان خالياً من الكراسي , كنا نجلس عليها معاً في آخر مرة مررت به لينظم لنا عادة أول عابر سبيل , سألته بعد أن قام لي , أين ذهبت الكراسي و لماذا تجلس على الأرض , أجابني :
الكرسي شيطان رجيم يتلبس كل جالس عليه ... تربّعت معه على الأرض مضحياً ببنطالي وليتسخ حذائي , منها وأليها , عساكم سالمين .
في نفس السياق أذكر مشهدين جعلاني أندهش و أتفاجأ , كلما تذكرتهما أدخن بدل السيجارة الواحدة سيجارتين , الأول حصل قبل سنة و الثاني حصل قبل يومين .
ما حصل معي قبل سنة أنني كنت عائداً من مكان بعيد , فوجئت بالطريق الذي سلكته وقد تحول الى معسكر ولكن ليس ككل معسكر , كان أطول معسكر في التاريخ , تصوروا أن طول الطريق مائة وأربعون كيلو مترا جميعه صار ترسانة أسلحة محاطاً و بتنسيق متقن بالدبابات و العجلات و العسكريين , عرفت أن فرقتين كاملتين تؤمنانه , وطائرات تحلق على أمتداده جيئة وذهاباً وكل ذلك حصل لأن (شخص واحد) كان يزور مدينة في نهاية الطريق , عرفت ذلك في مساء نفس اليوم من التلفزيون , ومن الأخير نفسه عرفت أن دوائر الطب العدلي سجلت وفاة ثمانية وسبعين شخص في حوادث متفرقة في خبر لم تتجاوز مدته نصف دقيقة بالضبط .
المشهد الثاني أبن يومين , مررت لشراء شيء من صاحبي (أبو حسن) وهو رجل كهل تعرفت عليه منذ سنوات حين أنتقل الى حي النصر بعد أن هُجّر من حي الأمين , الرجل يمتلك صفة مميزة , فهو رغم خسارته لبيته الكبير الذي كثيراً ماحدثني عن حجمه و حديقته وجماله , ومعاناته في الحصول على راتبه التقاعدي , كان دائم الأبتسام والترحيب , توقفت عنده يوم أمس الأول لشراء شيء فشاهدت شيئاً غريباً , فوجئت به يجلس القرفصاء على الأرض في منظر غريب و الدكان خالياً من الكراسي , كنا نجلس عليها معاً في آخر مرة مررت به لينظم لنا عادة أول عابر سبيل , سألته بعد أن قام لي , أين ذهبت الكراسي و لماذا تجلس على الأرض , أجابني :
الكرسي شيطان رجيم يتلبس كل جالس عليه ... تربّعت معه على الأرض مضحياً ببنطالي وليتسخ حذائي , منها وأليها , عساكم سالمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق