القصة في موقع كتابات
كان في قديم الزمان رَجلٌ أصيب بالجذام ولم يكن حينها من دواء لهذا
الوباء المدمر للبلدان , فقرر أهل قريته وعائلته معهم أن يتركوه في الدار ويهربوا
بجلدهم خوفا" من العدوى التي قد تصيبهم , فهم لايملكون أمام هذا القدر القاتل
ما يحجّمه الا الحرق في النار , فهربوا الى جهة امنه وتركوا له مايبقي نفَسُهُ بين
الصعودِ والنزولِ , ودارت الأيام حتى شاء القدر نفسه أن يشفي الرجل بعد حين مما
أصابه , لكنه ترك على جسده بصمات واضحه , فجلده متقرّن وعيناه مشوهتان , وشعره قد
سقط فأمسى مسخا" كان يوما" بشرا" , وهام في البيداء يبغي الناس ,
حتى وصل الى مشارف بلاد كانت تعج بالضجيج , أهلها منقسمون , قسم يبكي والاخر يرقص
, حزينون و فرحون , تبيّن أنهم يشيّعون جنازتين , أثار ذلك التناقض فضول صاحبنا القادم
من الموت , فسأل البعض عمّا يجري , فقال له الحضور :
أن ملكنا قد مات اليوم , ونحن أشد مانكون حزناّ عليه , فسألهم
وماذا عن الجنازة الثانيّة , فقالوا : أنّه جار الملك , فأن دستورنا اللذي وضعه
ملكنا قبل أن يموت ينص على وجوب قتل جار الملك الواقع على اليمين , حين يموت الملك
, ليكون له أنيسا" في وحشته بعد دفنه معه , فبادر الرجل بالسؤال : وماهوسبب
مظاهر الفرح لدى البعض الاخر : فأجابوه بأن اليوم سيتم أختيار الملك الجديد ,
فبادرهم : وكيف , قالوا : سيتم أطلاق طير , و حين يهبط على رأس أحدهم سيكون هو
الملك .
دُفِن الملك و جاره اللذي على اليمين , وبدأت مراسم الأختيار للملك
الجديد بعد تجمع كل الرجال من كل البلاد و اٌطلق الطير, فطار وطار , حتى هوى على
رأس صاحبنا ( الأجرب) وهبط عليه , فكانت المفاجأة التي هزّت الجميع حين نظروا اليه
, فهو أجرب , مشوّه , غريب , لا يمكن أن يكون ملكا" على أصحاب البلاد , فطالب
الجميع بأعادة الكرّة , وهتف الحاضرون , ليحبس هذا المسخ , وحبسوه في زنزانة
لايوجد فيها الا فتحة صغيرة , لدخول شعاع الشمس , وأعيدت القرعه , و أطلق الطير
مرّة أخرى , فطار , وطار , ولم يهبط على رأس أيٍّ من رجال البلاد , بل ناور وأنحرف
نحو الزنزانة التي وضع فيها صاحبنا الأجرب , ودخل من فتحة الشمس وأستقر على رأس
الرجل عينه , فكان البرهان , اللذي ما بعده برهان , أنه القدر , أختاره ولا حول
لنا ولا قوّة في الأمر , صرخ كل الرجال , و هتفوا بعد أن أخرجوه من الزنزانة , عاش
الملك , عاش الملك , وصاحبنا مذهول , كلمة واحدة لا يعرف أن يقول , و بعد تيّقنه
من المنصب و ما ال اليه من مكسب , أستجمع قواه و صرخ في الجمع الممجد فيه , يا قوم
, يا رعيّتي , دستوري الجديد يقول :
يدفن حين أموت جاري اليمين والشمال , وكل ماحولي من الجيران , كل
الشعب الغبي سيدفن معي , مادام أختار غريبا" مشوّها" جربان .
ما أشبه أحداث هذه القصة مع ما جرى ويجري في الكثير من البلدان , حين يكون قدرهم أن يولّوا المسوخ
والغرباء وربما الأقرب للشيطان , منهم الى الأيمان , والأغرب أن يقرروا مصيرهم
بطريقه الأنهزام والأستسلام , هل من أستيقاظ ولا أقول (صحوة ) فقد أحترقت تلك
المفردة مع ما أحترق بسبب الجذام .
محسن الجنابي
14-4-2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق