الجمعة، 15 أغسطس 2014

القطة تأكل أبنائها للمرة الثالثة

معايير الناس وجهات نظر , أن يبدي صاحبي (سيّد حسين ) رأيه في (الوضع) ليس كما يعبر عنه صاحبي (روكان) في (حصيبة) أو صديقي العتيد (سلمان) الساكن في حافات المياه في قرية البدو
سيد حسين يرى الدنيا ربيع والجو بديع وإن كانت بغداد تحترق , مادام يتلقى مايريد محمياً بقوات و يمتلك مئات الآلاف من الدولارات فالأمر يستحق خصوصاً حين يختم الشهر في باريس كي ينتعش أو يذهب كل شهرين الى ديترويت ليكمل بناء بيته الجديد حيث سيستقر في نهاية الأمر , لم أصدق كل ماقال ذلك المبدئي الحامل للجنسية الكونية في آخر مرة لاقيته , فهو على الدوام يتكلم ضاحكاً , عن أنه سيتقاعد بأي لحظة ليكون(شكسبير مشيغان) التي ستصبح بعد بضع سنين محافظتنا السابعة عشر , ( قل العشرون مولانى لا تفاولنا بروح جدّك) , يضحك مجدداً !
أما روكان فالأمر عنده مختلف , الدنيا بنظره مشوار يسوقه بسرعة نحو القبر , أضطر الى ترك سلواه في زراعة الفستق بعد سلسلة المداهمات اليومية للعصابات المنفلتة , أولئك الذين يرفعون شعار (أنت عدو لنا مالم تكن معنا) , أخبرنا في آخر مرّة رأيناه في مقهى الشواكة حين جلب لنا آخر (صوغة فستق) أن جميع أهالي قضاء القائم رهائن عند تلك (المزعطة) وفوق تلك البلوى تأتي قوات ملثمة لتنتقم منّا , يضحك كثيراً حين نمازحه بأنه صار واحد منهم , أولئك الأرهابيين كما تصفهم الحكومة المتوترة , أقصد الموقرة , يجيب ضاحكاً : لن أخلص منكم حتى لو تحولت الى عذراء داخل شرنقة !
سلمان هو الآخر مثقف رغم أنفه , جنى عليه كولن ويلسون كما يدّعي , فلم يشفع له (العقال) وصديقاته (الأبقار) كي يكون بمنئى عن أن يكون مختلف , فقد نزل خلال آخر عشر سنين من مرتبة القرويين الى آخر درجة في سلّم البدو , يرتحل على الدوام من بابل الى كربلاء يجوبها بحثاً عن عمل , لم ينتهز الفرصة ليكون شيخاً في مجلس الأسناد , كان سيتلقى مبلغ خمسمائة ألف لو أستقر في بابل , بل كان سيحصل على مليون وربع لو كلف نفسه وتحمل السكن في بغداد الصامدة , مبالغ كانت ستأتيه بدون أي جهد , أستنكافه جعله مفلساً , ردد ضاحكاً بطريقة الهمس بعد أن نسي مصطلحاته الفلسفية التي أشتهر بها : الثقافة شارة من أبو منارة ونياله الما عنده عقل ويفكّر !
حلقة ضيقة من أربعة , نتواصل كل بضع سنين , مختلفين في التملك , متشابهين في الكينونة والضحكة والحلم , بهم تختصر حكاية جيل سابق يكاد ينقرض , كلما أستذكرت قصة واحد منهم أبقى أدندن مع نفسي (چذاب دولبني الوكت) لأتوه بعدها وأنا أحاول تفسير ظاهرة ألتهام المجتمعات لأبنائها , وكيف تحبذ أن تبدأ بأكل اللامنتمين العفويين فهم عندها الوجبة السهلة غير الممتنعة .
ربما يكون الخلل في المباديء نفسها , أو أن المباديء مثل (فستق روكان) لا تعيش الا في بيئة ملائمة , أو أنها تصيب متخذها بداء الفرار الذي أصاب ( حسين وسلمان) وجعلهما ينفران من البيئة الموبوئة غير الآمنه دون أن يكملا رسالتهما التي أفنوا لأجلها حياتهما , أما التفسير الموضوعي الأقرب للحقيقة فهو ( تضاؤل نسبة هؤلاء أمام الغالبية المرتزقة) والدلائل القريبة تؤكد آخر تفسير لنظريتي الغير موسومة وهنيئاً للفائزين في أنتخاباتنا ! 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق