الجمعة، 15 أغسطس 2014

أصطعيس دمر البلاد

لا أخفيكم بأنني تصورته ضابط مخابرات أو مدسوس من أحد الأحزاب يحاول أستدراجي بهدف الأيقاع , حصل ذلك حين جلس بقربي رجل الدين (أبو حوراء ) وبدأ يكيل الشتائم للمفسدين (من الصوبين) من دون أستثناء , ليحملهم أسباب الخراب معززة بالوقائع و المعلومات التي لم نسمعها حتى في الأخبار , في مشهد غريب بالنسبة لي أسترسل يشخّص مواطن الخلل وكأنه مثقف خبر كل شيء بأرقى طراز , هاج منتقداً أسس بناء الدولة وكيف حاد عنها جميع دعاة السياسة بأقتسام المؤسسات فيما يسمى المحاصصات , وكيف أغتالوا الوطن وأمتهنوا الناس بالتفرد بالمال العام مع كل المقدرات , حتى أنهم تقاسموا الشعب طوائف متصارعة ليبقوا في السلطة الى ماشاء الله , ردد طويلاً مقولة (العدل أساس الملك والظلم خراب البلدان) , حمّل المجتمع بكل أجزائه مسؤولية التداعي والأنحطاط , هاجم بعض رجال الدين ! والصحفيين والمعلمين و الكتاب بسبب تبعيتهم للعابثين من شتى الأصناف , مافاض به من مرارة بدافع الحرص على البلد جعلني أبرئه بدقائق من تهمة التجسس و الأستدراج , الرجل أعرفه من زمان , يتبع مؤسسة دينية مهمة وبيننا سلام وأحترام , ألاقيه مرّات عديدة في الشهر بحكم العمل والألتزامات , لكنني كنت أتحاشاه لأنني وبصراحة أخشاه كونه (رجل دين) , فهو بنظري لايختلف عن غيره من أرباب تلك المهنة المتنعمين بالحظوة وسعة العيش مع السلطة اللامحدودة و المكتسبة من الأحزاب الدينية التي أستولت على الحكم في البلاد , لم يميزه عن غيره سوى أنه (أفندي) يرتدي بدلة وقميص بدون عمامة و صاية و سروال , هكذا كنت أراه , أضف أليها أن لرجال الدين هالة من رهبة تجعل المرء يتوارى من بين أيديهم مبتعداً خشية أن يقرأ أحدهم مافي رأسه من أفكار , فكل مانعرفه عنهم أنهم لا يرضون بأدنى من الطاعة العمياء فكيف بي وأنا المتمرد المشاكس الذي يعتبرهم أناس عاديين لايختلفون عن باقي خلق الله , بل أنني تماديت في نقدهم لأجاهر بمقتهم بعد أن تخندق أغلبهم خلف ساتر دافعين أتباعهم لقتال فريق آخر من أبناء جلدتهم دون أسباب , لم يتوانى صاحبي (ممثل المرجعية) عن أصراره في أيصال الفكرة رغم أن المستمع أليه (محسوبكم) شخص مغمور لا يؤثر في نملة أضاعت طريقها في رحلة لعدة أمتار , وبعد أطمئناني له باركته على عمقه وألمامه بمواطن الخلل في الواقع العام بعد أن أبدى آرائه بموضوعية في كثير من الأشياء , هل أن المرجعية تؤيد الدولة المدنية بادرته بالسؤال فأجاب : المرجعية تريد الخير للناس بما يرضي الله , لكن بعض المنتعفين ذوي الأغراض الخاصة صوّروا للعامة بأن المدنية تعني العلمانية و الأخيرة تحظر الأديان , لكنني (والكلام لأبو حوراء) على قناعة تامة بأن الدولة المدنية وحتى العلمانية هي أرقى سبل الحياة تعطي أفضل حرية لممارسة العقائد والأديان , بها يتساوى الناس يسودهم السلام تحت خيمة القانون و أحترام حقوق الأنسان وذلك بالضبط ما أراده الله .. تكلم طويلاً حتى فغرت الفاه , تشجعت فسألته , ماذا عن رجال الدين الذين يصدّعون رؤوسنا ليل نهار بغرائبيتهم البعيدة عن الواقع أولئك الذين ينشرون التخاريف و الدجل و يفرحون للقتل والأبادة والدمار , ماذا عنهم مولاي أبو حوراء , أجاب مع أبتسامة خفيفة كتلك التي يكتمها رجال الدين حرصاً على الوقار :
سأختصر لك الأمر بحكاية جرت على لسان الفيلسوف صدر الدين الشيرازي رحمه الله يقول فيها :
كان هناك شخص براغاماتي أسمه (أصطه عيسى) دعي غامض يسوّق للناس على أنه رجل دين يرتدي مايرتديه الأخيرون رغم أنه لايعرف شيئاً عن دينه أو بقية الأديان , كل مايفقه به ترديده لكلمات مبهمة عصت على كل المختصين في اللغات , وحين مات وأرتفعت روحه بين الملكين منكر ونكير سألوه من هو ربّك , أجابهم : أصطعيس فوق أصطعيس
سألوه مراراً وتكراراً عن ربه : كان الأجابة واحدة في كل المرات (أصطعيس فوق أصطعيس) فأحتاروا في أمره و حسبوه مجنوناً فأرسلوه الى المكان الخاص بأصحاب الأعراف
مختصر مفيد أن جماعة (أصطعيس) دمروا البلاد .. أودعناكم أخوان . 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق