السبت، 8 أغسطس 2015

لاتظن عند العراقي ديانه ولاتصدق لو سمعت آذانه

حين سمعت بهذا البيت (صار بخاطري) من قائله وكان أستاذي الفاضل أبو سولاف الخبير الستراتجي في أمور المجتمع والذي عمل ثلاثون سنة كمدعٍ عام وقاضٍ ورئيس محاكم الجزاء والبدائة , سبق أن سمعته منه بصيغة أقل شمولية فقد كان يردده حين تواجهه حالة (نشاز) يرى فيها غلبة الشر على مفهوم الخير بحكم عمله وكثيراً ما كان يغيّر فيه بحسب عائدية الحالة , فأذا جلبوا أمامه شخص وتبين أنه مجرم كاذب يستحق العقاب لكنه يفلت بمجموعة من الحيل اللاأخلاقية التي تجعل القاضي مشلولاً أمام الوقائع المكتوبة في أوراق القضية كونها مفبركة لا تقرب للواقع بأي علاقة , يسأله (من أين أنت), فإذا أجابه (على سبيل المثال) أنا من البصرة , يواجهه بهذا البيت (لاتظن عند بصراوي ديانه و لاتصدق لو سمعت آذانه ) وهكذا يفعل مع البغدادي و العفجاوي والعمارجي والمصلاوي ليشمل خلال الأيام الأخيرة كل العراقيين في بيته الموسوم أعلاه الذي صار أقرب الى فرمان منه الى شهادة , وهكذا يا أحبتي صار العراقيون بنظر أبو سولاف جماعة (حلّافة كذّابة همّازة لمّازة) لايؤمن جانبهم حين يتعلق الأمر بالصدق و النزاهة , فلم يسلم أحد من شموله بلطخة (اللامباديء) تلك التي توصمنا جميعنا بسبب شخص واحد (من الحثالة) , لم أسكت عما سمعت فقد شعرت بالأهانة فبادرت الأستاذ قائلاً :
عذراً أستاذي فأنا لم أقتنع بكلامك , فليس من المعقول أن تعمم الوصف السيء ليشمل شعب كامل من زاخو لراس البيشه وحصيبه وزرباطيه وحتى شثاثه , إن خليت قلبت عمي , فهناك من يلتزم بالأخلاق كنتيجة لألتزامه (الديني -القانوني- الفكري - العائلي -العشائري - أو أي مباديء أخرى) تصب في حماية المجتمع من رجاحة الباطل على حساب الحق الذي يعتبر معياراً للحفاظ على العدالة فهو بالتالي يحافظ على بقاء مفهوم الدولة بمرتكزاتها الثلاثة - أقليم - شعب - نظام سياسي - وبما أن الدولة موجودة فمعناها أن الخير أكبر من الشر ولو كان العكس لتلاشت , وذلك عكس الواقع فنحن نقبض رواتب , على بختك أستاذي !
أجابني وكأنه بهلول زمانه : وليدي أنت متعرف , بأن المجتمع يحمي نفسه بنفسه بتطبيق العدالة فإن تساهل في ذلك خرج منه أؤلئك التدميريون الذين لايتورعوا أن يفعلوا أي شيء مقابل أن يبقوا أقوى من القضاء وخارج نطاق تطبيق العدالة , فطبعهم أن يعيشوا على الأرتزاق بالكذب والتحايل , واحد منهم يكفي أن يعلم مئات غيره والمئات يعلمون الآلاف وهلم جرّاً لتشيع المثالب وتتحول الى عادات وتقاليد تنتشر كما السرطان لتطيح بالمفاهيم التي تجعلنا موجودين فالأشرار في كل المجتمعات , حتى المجتمع الياباني أو الأميركي أنموذجاً فيه أنتهازيو الظروف ممن يركبون أي شيء لأجل مصالحهم البالغة الدنائة , علينا أن نسبق الأسوأ بمحاربة السيء , وألا فأننا سننقرض على أيدي الرعاع ممن يقسمون على الزور ويتلاعبون بأجراءات القضاء ويقيمون الدعاوى الكيدية تلك التي يستخدمونها أدوات للخلاص من العقاب وإرغام الناس على التنازل عن حقوقهم , وصدقني أن المجرم لم يكن يجرؤ على مجافاة الحقائق وقلبها رأساً على عقب لولا وجود عناصر مفسدة في المجتمع تسهل له ذلك , سواء في منظومة تطبيق القانون أو بالدعم من العشيرة أو العائلة التي يأتي أفرادها ليشهدوا للمجرم على أنه بريء رغم أنهم وعلى رأي الممثل عادل أمام (شاهد مشافش حاجة )  , لو رأيت ما رأيت لوافقتني فيما أقول في هذا البيت , فمانراه من شهادات الزور و إرهاب الضحايا وتسعيرات الأفلات من العقوبات التي يفرضها بعض المحسبوين على مؤسسات القضاء والمحاماة والشرطة ومحاكم الجزاء , (كان ما صار بخاطرك) , (عمي أحنا دا ننحدر كمجتمع والدليل أن البعض لايخافون كلام الله ) يقسمون به وكأنه شيء لاقيمة أعتبارية له , أستمر القاضي بأقناعي حتى وصل الى خاتمة الحديث القيّم الذي ينهيه عادة بنكتة وطلب مني أن أقترب منه بعد أن ألتفت يميناً وشمالاً :
شوف أستاذ لو كان الأمر بيدي لطلبت أن يوضع المصحف الذي نحلّف به المتهمين في صندوق حديدي يتم ربطه بالكهرباء لأتمكن من التحكم به من زر تحت يدي , وكلما أقسم أحدهم بشهادة الزور وأنا العارف بها بحدسي وخبرتي , أضغط على الزر وأجعله (يرعص) صدقني أنه سيعلن توبته ويتحول الى ناشط حقوقي وربما يبرع ليصل الى مراتب حمورابي الذي أسس قوانين الدنيا أو ينذر روحه للعدالة والسلام مثل نيلسون مانديلا ... أشرب جايك وروح كمّل بحثك , مابقى شي على مناقشتك , فيما الله .. فيما الله أستاد !
محسن لفته الجنابي بالتعاون مع الباشا محسن العراقي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق