الخميس، 18 سبتمبر 2014

قصيدة وصيّه الميّت لـ حسين قسام الخفاجي - الأدب الشعبي العراقي الساخر

بطلوا من البواچـي لا تخرعونه 
ميتكم فطس ومبحلج أعيونه

  وصّه أجبيّر وشمخي على التنور 
وگاللهم بعد عندي عجل مكسور 
وگاللهم بعد عندي هويشه وثور 
للخطار ثوري لا تذبحونه

وعندي بعد خنجر ماكو بيه أگراب 
وعندي طاكَ رحه ومعجنه وجراب 
وعندي أجاجه عوره وعندي تسع أچـلاب 
وعندي چـلب أعرج لا تبيعونه

وعندي بيت بردي ماعليه أحصير 
لو گـام الهوه كل الحنايه أتطير 
وعندي تانكي بي چـنت احط اشعير 
أمزرّف والتنـكــچـيّه يلحمونه

وعندي جرد قوري بغير بلبوله 
مو سكسون محد شايف اشـچـوله 
يخر من صفحته لوهيّس أبلوله 
خلوه بثوابي لا تكسرونه

وعندي جرد دوشك خذته ربيّه 
شغل بيروت جبته من الصليـچـيه 
وعندي حزام بردي وجرد صينيه 
وعندي صخل أعشم لا تجوعونه

وعندي ميجنه وجاون وجرد الحاف 
شريته العام من أجبير النداف 
أبدال الگطن حطوله ورك َصفصاف
للخطـــــــــــار يا ولادي تخلونه

وعندي شماغ شعري مشتريه بفلوس 
بصندوگي مطّركَ بعده ما ملبوس 
وعندي كحل صافي جايبه من ( الروس ) 
بثوابي للأريمد كحلوا أعيونه





الشاعر الشيخ حسين قسام بن الشيخ عبود الخفاجي ولد في النجف 1898 – وتوفي في العام 1960



الاثنين، 15 سبتمبر 2014

التعجيزيات البغدادية و الفهلوه العراقية

التعجيزيات نوع من الحزّورات تكون على شكل عبارات صعبة وملتوية من المستحيل أن يرددها الشخص حين تطرح عليه دون أن يخطيء تستخدم في مجالس السمر والتسلية و الغاية منها قضاء الوقت في زمن لم تخترع فيه بعد وسائل أحراق الوقت من تلفاز وكمبيوتر و غيرها يطرحها الابناء المحلة بسرعة لاختبار بعضهم بعضا في سرعة النطق وصحة الاداء ولاريب ان العجلة في الاداء تؤدي الى التورط في الخطأ وعندئذ يصبح المتورط اضحكوة اقرانه ومثار سخريتهم وغالباً مايكن المؤلف مجهول لكنه  يبرع في حشد الالفاظ المتجانسة التي تلزم المتبارين بنطق كلمات معينة مضحكة بسرعة ثلاث مرات او اكثر .ولابد في هذه الحالة ان يتورط الناطق بلفظة خاطئة تجلب الضحك وتبعث المرح.

وفيما يلي مجموعة مما استطعت جمعه في هذا الباب:
*خالي خضيّر خش للخضرة حاشلنا خوش راس خس
*جيس طرشي ودجاج مشوي 
* هالطماطايه طماطاية من؟
* سدينه شط السيد والسيد ما سد شطنه
* نبگ نبگتنه احسن لو نبگ نبگتكم ..ضوگونه من نبگ نبگتكم وانضوگم من نبگ نبگتنه
* سبع بيضات من بيضات الشظاشظ .طبخناهن وحمسناهن وگلنه شظن ياشظاشظ

* شص ابطن شص
* شمس الشته خوش شمس
* لوري وره لوري
*كمشت خشمي خمس كمشات
* خميس خمش خشم حبش وحبش خمش خشم خميس
* حسين حش هزة حشيش
* ابعانه تتن دچ الجيس دچ
* اتلث اگـنيرات بالخله وحده دبس وحده دهن وحده خله اطفر دهن والطع دبس واطلع خله
* جمل ماشي على ماشي جيت اضمه خطف شاسي

* سبع سعفات اتدك السكف سعفن سكفنه

* ليگـت الدب ايكسر لب كتلت الدب واكلت اللب

* عشر طشوت ,تسع طشوت ,ثمن طشوت ,سبع طشوت

* بنا بنى ببابنا بناتنا تناوله الحجارة

*عند المعيدي زبد وعند امي جسب (تمر زهدي) يمه شيلي چسبچ عن زبد المعيدي ,او يامعيدي شيل زبدك عن جسب امي

* فستبش بنشت بنت بنيبش نبشت بشعرها الطولاني

* ناگـه الخگـعه وفرخ الخعفكَ

* حوش خجه خوش حوش

* خيط حرير فوكَ حيط خليل

* شمس صيف وشمس شته

* لوري نوري وره لوري رشيد

* ياشمسه شسم شمسه؟

* كعب العگـبنگـب بيض الحدرنج

* هاي الجمجه جمجة من؟

* بيدي سمچـتين وفوگـايه سگـف اضرب السمچـه بالسگـف واضرب السگـف بالسمچـه.
 
 

الأحد، 14 سبتمبر 2014

صور نادره لـ الصابئة المندائيين في العراق عام 1937



صور نادرة لـ اليهود في جزيرة العرب ألتقطت عام 1947








صور قديمة نادرة من لبنان حوالي العام 1900 - Beirut Lebanon

الباعة في الشوارع - بيروت، لبنان حوالي أوائل عام 1900
 Street sellers - Beirut, Lebanon circa early 1900's

 حركة الشارع - بيروت - لبنان حوالي أوائل عام 1900
 Street activity - Beirut, Lebanon circa early 1900's 
ساحة الشهداء بيروت، لبنان حوالي أوائل عام 1900
  Martyrs Square Beirut, Lebanon circa early 1900's
الجامعة الأمريكية - بيروت، لبنان حوالي أوائل عام 1900
 American University - Beirut, Lebanon circa early 1900's

السبت، 13 سبتمبر 2014

قطار السريع في العلم للجميع

مررت صباحاً في شارع الربيع وأدرت رأسي عفوياً كما أفعل في كل مرّة نحو محل يبيع الآثاث كان يملكه المرحوم (كامل الدباغ) ,أفتقدت برنامجه (العلم للجميع) ذلك الذي يطل علينا فيه كل أربعاء وهو يهز رأسه من الأنبهار والحرص على أيصال الفكرة , فقررت أن أوافيكم بالنشرة العلمية لآخر أخبار العلماء في الكرة الأرضية نسألكم الأصغاء رحمة للمرحوم , أستعدّوا ( أكشن كيو) , أعزائي المشاهدين أليكم آخر أخبار العلم والعلماء :
العالمة الأميركية جيمو بورجيگن أكتشفت أن الأنسان حين يقطع رأسه يبقى يرى و يفكّر لمدة ثلاثين ثانية .
أكتشاف مفيد جعلنا نتلقفه لنطبقه فوراً فنحن أحفاد سومر وأكد نسعى خلف العلم وإن كان في جامعة مشيگـان الكافرة ولمن يحتار في وجه الأستفادة سأشرح له أسبابها وزيادة
فالآن أصبح بأمكاننا أن نعرف أرقام السيارات المجهولة التي تنفجر لتقطع رؤوسنا خلال الفترة التي تبلغ ثلاثين ثانية على أن ننسّق أمورنا ونستدر عطف الأرهابيين ليجعلوا لوحات السيارات المفخخة كبيرة واضحة تسهّل حفظنا لأرقامها كي نتمكن من رفع دعوى بالتعويض في الحياة الأخرى بعد أن خرجنا صفر اليدين دون شهود أو حقوق من هذه الدنيا
أما العلماء التانزانيين فقد أكتشفوا أن الأنسان حين يموت يعود بعد مئة أو مئتي سنة متقمصاً روح مولود جديد يختار شخصيته بنفسه ليعود مرة ثانية الى كوكب الأرض دون أن ينسى ذكرياته و لحظات فرحه وحزنه.
وهذا الأكتشاف مفيد لنا تحديداً وكأنه جاء من أجلنا, فسوف نتمكن أخيراً من العودة بعد الموت لننتقم ونهزم قاتلينا ومعهم سارقينا بالبصاق على قبورهم
والآن نأتي الى أنجازات علمائنا وقبل تناولها أذكركم بأن تفغروا أفواهكم بزاوية مائة وثمانين درجة فأمام هذا الكم الهائلا لاعجب أن نصاب بالحيرة حول فيمن نبدأ فهي وأشكال وأصناف تحتاج الى تبويب منهجي
هل نتناول أختراعات علمائنا للمواد الصمغية الأقوى من الحديد تلك التي تلتصق بها الأرداف بالكرسي .
لنعرج على أختراعهم في التعجيل العمري فقد أختصروا عمر الأنسان من معدلات الثمانين لتنخفض الى معدلات الثلاثين ولازالت تنخفض ليقللوا التلوث بتخليص الأرض من الأعداد الكبيرة لما يسمى بالمخلوق البشري .
أبدعوا في تحويل البلدان الى مغانيط كبيرة بمجرد النطق ببعض الشتائم يجذب البلد السرّاق والأرهابيين والقتلة فتحققت نظرية (الأيحاء عن بعد) تلك النظرية التي أخذت الكثير من الجدل فحواها أن بعض الأشخاص بأمكانهم تحريك الأشياء عن بعد , برهونها منذ سنين باليقين الرصين ليتفوقوا على علماء الباراسايكولوجي في جامعة كامبردج.
أختراع أخر أجهض نظريات أينشتاين و ستيفن هوكينغ وهو نجاح الأنشطار النووي هذه المرة على المجتمعات والأديان والبلدان , بمجرد قصفها ببعض الكلمات المحاصصية تجعلها تنشطر الى مجتمعات جديدة غريبة عن بعضها وبلدان كثيرة متناطحه وأديان متصارعة.
آخر أختراعاتهم كانت العمليات الديمقراطية في الفدرلة وتحويل النواحي الى أقضية ثم تحويل الأخيرة الى محافظات مزدهرة كل ذلك يحصل بجرّة قلم واحدة .
عذرا أعزائي الأختراعات كثيرة ولا أملك الصبر للمطاولة ولوكان المرحوم الدباغ حيّاً لأحتاج الى قناة خاصة تبث برنامجه على مدار الساعة فأختراعات هذه الأيام مثل الأزدحامات والفضائيات و أكثر من سيارات الجيش والشرطة
أتركوا شعور رؤوسكم أحبتي جنبكم الله شر الصلع فقد أنتهت الحلقة.


المرحوم كامل الدباغ يستقبل رائد الفضاء السوفيتي غاغارين ومعه فريقه في بغداد

قرقرات في بلاد الأطيان

كان (عبود) يكابد الألم المحبط وهو يدافع عن نفسه وسط جمهرة غاضبة من سكان الحي , ليبرر غرابة ماقال قبل يومين, فقد أختُطِف والده وهاهو يعود سالماً الى أهله , الحدث ليس بالغريب مع أحداثنا المضطربة , من حسن الحظ أن (الوالد) نجى في سابقة نادرة, أفواه الناس تردد وأساريرهم مبتسمة , لتكسر حكايته جمود النهايات الدراماتيكية المرعبة , يقول أن العصابة التي خطفت أباه أتصلت به من هاتف والده وطلبت الفدية في المرّة الأولى , سبعة دفاتر , تم تخفيضها الى أربعة , وقبل أن نكمل روايته دعونا نعرّج على رواية الناس المتجمعين حوله أبان فترة الخطف الصعبة  لتتضح الصورة كاملة, يقول أحدهم : في الأتصال الثاني للمجرمين كان (عبود) قد أستوعب الصدمة وتداول الأمر مع أخوته وأخبرهم أنه لايملك درهماً , أجابته العصابة أن له ثلاثة أيام وبعدها سيجد والده جثة أكلتها الكلاب السائبة, أجابهم بثقة أنه لايكترث , قال لهم بصريح العبارة : أقتلوه , ولانريد منكم سوى السيارة (اللوري) مع قناني الغاز التي تحمل , وأسترسل بوقاحة : أخواني في العصابة هذا الذي عندكم ليس أبي , ولم يكون أباً لأحد , نحن نتمنى من زمان أن نتخلص منه , وبهذه المناسبة تقبلوا خالص أمتناني وشكري , أصالةً عن نفسي ونيابة عن كل أفراد العائلة
أستغرب كل من سمع تلك المكالمة حتى شاع الخبر في كل المنطقة ,أن عبود يتمنى أن يُقتل أباه على يد الخاطفين ولايريد سوى (سيارة الغاز) , أي أبن عاق لا يملك ذرة مباديء وأخلاق ينتهز مثل هكذا فرصة للتخلص من والده , أبن حرام , كلب , حقير , رددت الناس جميعها
نعود الى عبود لنكمل الأصغاء لروايته :
يا أيها الناس , جميعكم يعلم أن للبيوت أسرار , وسأكشف سر بيتنا كي تعرفوا مانحن فيه من مصيبة وتدليس وألتباس
أبي ظالم , جعلنا نعاني في تلك الحياة وكأننا أطلال موتى مكابرين كي لا ندفن, شقيقي الأصغر مات بسببه , فقد أجبره أبونا (الذئب) على ممارسة التسول في تقاطع بعيد ليختفي , حتى وجدناه في الطب العدلي , أما الأوسط فقد هرب من سطوته وظلمه ,  أخي الأكبر معاق بسببه فقد قصم ظهره بضربة على عموده الفقري ليلازم القعود الأبدي , كلنا تركنا المدرسة فهو يكرهها من أجل أشباع أمراضه في الجهل والتخلف , هو وحش تسمونه أبي , يكد من أجل غيره ولا يرعى سوى نفسه , أصحابه مدمنين طفيليين سفلة يتنعمون لوحدهم بما نكسب, يستعرض قوته الفارغة أمامهم فيما هو ضعيف لدرجة جعلتنا فريسة للأعتداءات من العابثين في كل لحظة , بيتنا منتهك , حيطانه سقطت دون أن ينتخي  , تصوروا أنه يقيم الولائم في ليالي الشتاء الطويل ونهارات الصيف الأطول دون أن يسمح لي ولأخوتي بأكل الخبز أو أرتشاف القطرة , أنه مجرم لايقل دنائة عن عصابة الخاطفين, بل أن الأخيرة لاتقارن معه فهي أشرف , والدليل أنهم أطلقوا سراحه وأكتفوا بأخذ السيارة مع قناني الغاز , وليتهم فعلوا العكس , فنحن الآن دون سبوبة ولا عمل , مؤكد سيبيع البيت ويشردنا في أول صفقة , نحن عنده عبيد وفرائس منتهكة , مفهوم الأب أن يكون خيمة عطاء وحنان على عائلته , فيما أبينا كان علينا سخطاً وجحيماً ومنايا مستهترة .. تكلم عبود ساعات دون توقف , وكأنها المرة الأولى التي يتكلم بها  , تأفف الناس وهم حاسري الرأس وبعد صمت طويل تفرّقوا , جميعهم حث الخطى نحو بيوتهم مسرعين , ليسألوا عن أولادهم للمرة الأولى في تاريخهم , كان صوت يأتي من مذياع قديم من بيت متهالك بعد أن خلت الجادة تماماً يقول بألم : 
قالوا حكومتنا شورى فقلت لهم
أنعم وأكرم فهذا القصد والأربُ
في البرلمان رجال ليس ينقصهم
عن  البهائم الا السرج والذنبُ
فللمساكين ماجادوا بخردلة
إلا وكانت من الشيء الذي نهبوا
هل يقبل الشرع بالخنزير تضحية
 ياليت مانهبوا منّا ولا سلبوا
.. أنتهى ولن تنتهوا


تسريبات من غزوات البغال

راودني شعور مقزز وأنا أتمشى في أحد الشوارع التجارية في العاصمة عصر اليوم , حدث ذلك بعد تفحصّي لـ (بعض) النماذج من المراهقين الشباب الذين يمثلون جزءاً من زهور الحاضر وثمار المستقبل للأجيال , كانوا يصدرون أصواتاً هجينة بهيئات أنثوية مقرفة تثير الأستغراب , يرددون ( يؤيؤ , سوده عليّه , دادا , قاسي , هاي شبيك ... ألخ ) ينطقونها مع ألفاظ مخجلة بطريقة الغنج والدلال كما الفتيات الصغيرات حين يخفن من عصافير (النبكَه) والمشهد ليس دخيلاً بل تحوّل الى طباع معتادة يسارعون في تلقفها وكأنها أحدى مستلزمات التواصل مع الأصدقاء .
أعادتني الذاكرة هارباً الى العام 79 حيث دكان (أبو أسوان) ذلك الرجل الخمسيني ببدلته الرسمية ونظّاراته السميكة , كان صاحب مكتبة في منطقتنا , كنت حينها في الصف السادس الأبتدائي , ففي صباح أحد الخميسات أردت شراء (مجلتي والمزمار) وحين أقتربت من (الكشك) وجدته يصرخ في صبي يقف أمامه بخنوع مؤنباً :
بابا عيب عليك .. أنتَ رجل , قل ( أستاذ عندك فلان مجلة) و لاتقل (عمو أكوش عندك فلان مجلة) , أجعل الرجولة صفتك , كان أبو أسوان يتكلم بحرقة حينها , وتأكدت أن الصبي لن ينسى ذلك أبداً .
لا زلت رهيناً للذاكرة وأنتقلت بعد هذا المشهد الى معسكر التاجي , حين ألتحقنا بالجيش أثناء خدمة العلم , ألتقينا برفاق جدد لم يسبق لنا معرفتهم , كان بينهم شخصاً عملاقاً, عظيم المنكبين طويل القامة غليظ اليدين , مما أثار فضولنا , تصورناه بطل العراق في كمال الأجسام أو المصارعة سيأخذونه في القوات الخاصّة لامحالة , فأقتربنا منه لنتعرف عليه , سألناه : ما أسمك ؟ , أجابنا بصوت نسائي رفيع جداً : أسمي نهاد , أستغربنا من صوته وحركاته وتصورناه مصاب بالزكام أو أنه ربما أكل الطرشي قبل أن يلتحق بالمعسكر , سالناه أيضاً : أين تسكن ؟ , أجابنا : بالسيلخ !! عرفنا أنه يسكن منطقة الصليخ لكنه قالها بالسين وليس بالصاد , كتم الجميع ضحكة كبيرة وتركناه للأبد , حتى عرفنا أنه أرتضى أن يعمل (مراسل) والمراسل بالمفهوم العراقي الدارج مفردة لاتعني المراسل الحربي كما يتصور البعض , بل هي وظيفة أقرب الى مهنة الخادم الذي يغسل الصحون والملابس الداخلية للضباط .. صار معها مضرب للأمثال في كل المعسكرات مع الوحدات المتجحفلة معها وتلك كانت صورة توضح نظرة المجتمع الى الرجل الفاقد لبعض التفاصيل من الصفات الطبيعية , يستعاب ليس لجوهر الميوعة والتصنّع بل بسبب ماتعكسها من آثار على الرصانة الأجتماعية.
لنعود الى الحاضر ونحن نطالع (البعض الأغلب ) من شبابنا , مؤلم حالهم , يحتاج رثاء و أنقاذ , أحاديثهم بعيدة عن الذوق والأصالة , يحتاج المرء الى جهاز سونار حقيقي وليس مثل الذي عندنا ليتأكد بأن الذي أمامه ولداً وليس بنتاً , أزداد الشعور المقزز لدي وأنا أطالع خبراً غريباً ذي صلة , يبدو أن العولمة جعلت القلوب سواقي لكل البشر لكنها اليوم لاتلتقي بل تتزاحم في ثورة المصالح المتلاطمة فكل يعزف على ليلاه , أحدهم (مارك زوكربيرغ ) صاحب موقع الفيس بوك خرج علينا اليوم بخبر مفاده : أنه أصدر خيارين جديدين للجنس , فبالأضافة الى خياري الذكر والأنثى أصبح بأمكان المتفسبك أن يختار ليكون (متحولاً جنسياً أو خنثى ) بصراحة لا أعرف الفرق بينهما ولا أجيد سوى ترديد الصلوات فقد أكتملت المسبحة ,الى ماذا يرمي هذا الشايلوكي المتعولم , دعونا منه ولنسلط الضوء على أسباب أنحلال شبابنا , فقد بدأوا بالغالبية في التحول , ملابسهم أنثوية أكثر منها ذكورية , يضعون المساحيق و المراهم على وجوههم و شعورهم , يستنزفون الموارد ليهدروها على محلات الحلاقة التي تحولت بالتدريج الى صالونات لاتختلف عن النسائية حتى في أسعارها , لو كانت لدينا الصلاحية في تفتيشهم لوجدنا (ربما) أغلبهم يرتدون ملابس داخلية نسائية , كلامهم صار ناعم في الغالب , تعابيرهم أنثوية صرفة , هل هو الضياع أم التمرد أم لجلب الأهتمام وإن كان بطرق شاذّة تسيء الى كينونة الأنسان وجوهره , ربما مصدره التوجيه الديني القسري السائد في أيامنا تزيدها الصراعات والتسقيطات المذهبية المتبادلة , يكون الشذوذ رد فعل على فعل الأجبار بسبب تناقضه الفاضح مع الأنفتاح والحرية المطلقة , مؤثرات يشعر بها جميعنا , تؤثر مقتلاً في الناس غير المحصنين ضدها خصوصاً ذوي الأعمار المبكرة , لسنا من دعاة التقليدية والتمسك بالموروث بحذافيره , بل نواكب كل تطّور , على أن يضيف شيئاً مفيداً للمجتمع أما هذا التقليد للشواذ فهو أنحراف جماعي نحو الضياع عن الهدف الأنساني للحياة بأهم ركائزها , الا وهو أقتسامها بين الرجل والمرأة , وجودها يتمثل بالحد الفاصل بين كينونتهما , فالحياة بدون رجل تؤدي الى الأنقراض كذلك الحال مع عدم وجود المرأة , فأجمل مافي الرجل رجولته والأخيرة هي المقياس الذي يجعل الأناث تهتم و تعجب وليس مايفعل المخنثون الحمقى , فلا أبشع من أن يكون المرء محلّاً يتطابق مع الصفة الحقيرة التي يطلقها أهلنا عن الـ (خنّكر) فهو مفهوم يجمع في جسد واحد الأنثى مع الذكر ,أن يقلدوا الشباب غيرهم ليس بالأمر المعيب لكن تقليد حثالة العالم ليس بالأمر الحسن وإن كان قليلاً وليد الصدفة والنسب المنصفة لما أستغربنا فالشذوذ موجود منذ القدم وردت أخباره في التاريخ والكتب السماوية , كذلك (الجنس الثالث) أولئك الفرادى القلة فهم موجودون أيضاً نتعاطف معهم كونهم ضحايا لعوارض وأضطرابات جسمانية أو هرمونية لخلل أو فقدان لواحد أو أكثر من متطلبات الكمال الخلقية , لكن الخطر الذي نشير أليه هنا هو عن أزدياد النسب في تحول الأسوياء الى الميوعة والشذوذ لتصبح أعدادهم فوق المعدلات الطبيعية , ولنا أن نتصور كيف ستكون الحياة بدون أسوياء إن أستمر الأمر دون توقف , حتماً ستضيع المعايير ليفقد المجتمع أحد مرتكزاته في الوجود بعد تصدع مقاييسه وأركانه الرئيسية , وقبل أن نغرق في السوداوية علينا أن نستدرك بأن العالم مليء بالمبدعين , لماذا لا يقلدهم شبابنا بدل أن يستميتوا في التشبه برعاع الشوارع الخلفية لحي (هارلم) ومدن المجون ومثليي الجنس الذين يتزوجون بعضهم , الى متى يبقون يكتفون بالقشور من الجيدين دون التعمق في أسباب نجاحهم , الحرية الشخصية نعترف بها على أن لا تدمر المجتمع , أما المراهقة فهي مرحلة تحتاج الى المتابعة مع العناية المميزة , نقول ذلك لنذكّر أولي الشأن ممن يتحملون مسؤولية أبنائهم , أما أولئك التائهون في التقليد الشاذ الأعمى نوجه لهم سؤال واحد يختصر كل هذه السطور المملة : ماذا أبقيتم للأناث ياشبابنا (الذكور) الغارقين في الأنثوية المقززة , متى تعجنكم الحياة بماكنتها لتعرفوا رسالة تلك الحياة !


تواصل أجتماعي يقولون

التواصل الأجتماعي (الفيس وتويتر وغيرها) عالم  جديد أطل علينا في غفلة الأنشغال بأحداث جسام جعلنا نستذكر النظرية الموسومة للعرّاب (بوش) عن الصدمة والترويع فقد أربك هذا الأختراع المواطن العربي المسكين , هدية مجانية لاتقدر بثمن أتت قبل حينها لتكون بمتناول الجميع , في وقت لازال الناس غير ناضجين كما اللعبة التي وقعت بأيدي طفل لايعرف أستخدامها فتراه أحياناً يخرخش وأخرى يفرفش وفي الغالب ينوح ليمارس العويل  (هنا نقصد الغالبية وليس الجميع بحسب مستوى الثقافة والتعليم)  فنحن كمجتمع لم نخرج من مستنقع أزدواجية الطباع , ولانمتلك القوة في مواجهة الأمر الواقع  أمام هجمات بمحاور عديدة أربكت الأصالة و أشاعت التقليد , فقد دوهمنا من العولمة و أستباحتنا الثقافات مع أنفتاح غير مسبوق تلاشت معه الحدود فيما نحن مثقلين بالأبتلاء الأزلي بالتقوقع في براثن الأزدواج العقيم , فجلنا أسرى لوجهين , الأول وجه البدوي الجلف القابع بمغارة لايجيد سوى الأغارة والأنتقاص من الغير , والثاني هو وجه الـ (دعي) ذلك المتقمص لما لا يملك من شخصيات معجب بها لا يعرف عنها سوى القشور مع بضع سطور يتمنطق بها ليشبع أمراضه كي يخدع نفسه ويمارس التعالي على مخلوقات الكون ليغرق هو الآخر في التقليد دون أبتكار أو تجديد, والوجه منهما بألوان تجعل المرء ممثل يحمل في جعبته مئات الأقنعة يستعملها كل يوم ليجاري العالم المتنوع الأفكاروالمشارب و التقاليد , ولنصل الى مرحلة الرصانة في مواجهة ذلك المد الجديد نحتاج الى عقود وربما قرون , فأوّل بوادر الأنسانية أن يتحرر المخلوق البشري من القيود , ويشعر بأنسانيته , حينها يرتقي الى مصاف الأنسان الحر , ليقول الصدق و يعبر عن رأيه ويلتزم بمباديء على شكل حزمة من الأخلاق والقوانين , على أساسها يرسم خططه وينطلق لأداء رسالته في الحياة وهكذا يفعل المتحضرون واثقين فرحين , يزدادون زخماً مع الزمن بنقاء التفكير , ولنكون صادقين علينا أن نعترف بأننا خارج تلك المعادلة نحتاج الكثير من الوقت لنصل الى مراتب الأحرار , فالغرب مثلاً نجد عندهم الصدق , من أدنى المجتمع الى أعلى مافيه جميعهم يملكون الشجاعة فيما يتعلق بابداء الآراء وغالبيتهم صادقين , أما عندنا فالصدق بات مثل التنقيب عن ماسون وهمرجون , ومع تلك المتلازمة دخلنا أفواجاً الى الفيس وتويتر , نهرب منها لنعود أليها يجذبنا الشغف كما حب القطة للخنّاق الحيزبون
تواصل أجتماعي يقولون , هو عندنا مسخ عجيب , تتناغى فيه الأرواح كما بنات آوى يتبادلن العواء لتختلط القهقهات مع الشجون
وما المتفسبك (ومعه المغرّد) الا باحثاً أضاع عجل خالته جلبته الضائقة متحججاً بالذائقة  يبدي أعجاباً هنا و أهزوجة هناك مكابراً يعاني التوحد الغربوي رغم غرقه في قاع المجتمع المصاب بمتلازمة الضياع مابين الأنذهال و التطبيل مع قليل من التنوير يكابر للحاق بما يرى دون زوادة أو وقود يحرص على أن لايظهر شيئاً من العجب بحضارات بعيدة تمزجها مخيلته مع ذكرياته ليسوقها طقوساً من البكاء و النحيب على زمن يسميه جميل
فالرواد في أغلب الأوقات ينقسمون الى جوقات , نحتاج لنستعرضهم الى تركيب متداخل من التصنيفات , هناك الأسوياء والشاذّون , السوداويون الى جانب المتفائلين , أفكار ظاهرة وأخرى مخفية مثل التابوهات تهوف لها الأرواح , يقترب منها اللاشعور ليردعه الشعور خوفاً من مجتمع لا يعترف بالحرية تحكمه الخطوط الحمراء الحديدية الغير قابلة للتعديل , الرجال يبحثون عن النساء و الأخيرات يبحثن عن حلم , الطائفيون قلقون تراهم يتحشدون من أجل البقاء يحبو بهم هاجس الأنقراض رغم يقينهم أنهم أليه سائرون , فسحة لا تأتي المعاصرين سوى مرة واحدة في العمر  يشتتونها كما مكاسب الحياة لأمة لاتبحث عن الأنجاز بقدر أستماتتها في التنقيب عن الفتن و مفرقات الجموع , جعلت الناس فرادى يزدادون كرهاً لبعضهم ليفوح السعار ويطول طريق الوصول الى رأي عام يصنع بصيصاً بأن يشارك الناس في القرار وصنع المصير بدل الأنقياد الأعمى للعابثين ,  منهم أصحاب الفالات وهم أولئك المتوثبين بالشتائم و بالأسلحة متمنطقين لايعرفون للملل من سبيل يشترون المنغصات بالفلوس يوغفون على القلب مثل الجيثوم فحق عليهم القول (عظم بنادم  هالگد ثگيل ياجماعة الخير) بعضهم يمارس التعبّد و يتظاهر التقوى والزهد فيما يمنع الماء والماعون ولايتورع عن التحريض على قتل الملايين , خطابهم أبشع من قنبلة الطفل الصغير التي ألقيت في الحرب العالمية الثانية على اليابانيين , كذلك الحال مع الباشوات وهم النائمين في النهار و المستقيظين في الليل كما الخفافيش
جوقة غريبة الأطوار تعيش في عالم آخر شيمتها التكبر أفرادها يستحقون الشفقة يرون الحياة أسوأ ما حصل لهم فهم بنظر أنفسهم أكبر من كوكب الأرض وإن تضربهم بشاجور تحت عرق الإذن أهون عليهم من أن يبدوا رأياً واضحاً أو مفهوم  فهم  أثقل على صدور العامة من صخرة أبي جهل على صدر بلال المظلوم يحسبون انفسهم منجزين لفضل على رب العالمين .
ويبقى الأمل في القلة القليلة ممن نسميهم شمعات التواصل الأجتماعي 
فمن لطف المصائب أن يكون أمام تلك الجوقات أعلاه بويقات تناطحهم بهدوء أفكارهم صنعت من نور رغم ندرتها نجدها لنتجمع حولها , تزيدنا أدراكاً بما ننهل ولانشبع مما يمتلكون من عطاء بديناميكية تجعلهم فاعلين نافعين مصنوعين من أجنحه الفراشات من طراوتهم يصلحون أن يكونوا قطرات للعيون , لكنهم يعانون أشد المعاناة فللنور ضريبة تحرق الأيدي والقلوب
 نقبل للفيس مسرعين لنعود مذعورين موّلين الأدبار بسبب عصر التمترس العفن المأبون ولا نطيل كي لا نتزحلق ببراثن الجهال فأغلب تواصلهم ماكنات تفريخ تفضي للمزيد من الخزابل والكره مع الضحك على الذقون يحرقون أنفسهم قبل الآخرين ممن يأتيهم الدور مابين حطب ومحراث تنوّر
ولولا تلك النماذج الدبقة ما كنّا لنعرف الديّة الفلكية للقلة الأنسانيين ونبقى نردد من وسط تلك المحنة متشبثين بتلك الأختراعات لنقول :
هاي ألك ست عانات يالواشي بس گوم
ما أريد أنا العـانات جيـت ألگـط أعلوم

منتخب الدربونه العراقية في الثمانينات

بعير أكل بعير - أمثال من التراث العراقي القديم

كان لبدوي بعير لايملك سواه وحين ضاقت به الحياة أقتاده وباعه في (جوبة البعارين) , وحين أستلم المبلغ وضعه داخل متاعه وكان رغيف شعير هو وجبته الغذائية لثلاث أوقات وفي ساعة غفلة باغته البعير قبل أن يذهب مع المشتري (صاحبه الجديد) مد رأسه وأكل الرغيف مع المبلغ فضرب مثلاً في ضياع المال بدل الضعف ضعفين , وكثيرة هي المشاهد التي ينطبق عليها هذا المثل في حياتنا على مستوى أفراد و جماعات وبلدان .. صارت عليكم زحمة لأن تعبناكم بالقراءة وأعذروني أخوان !


الجمعة، 12 سبتمبر 2014

تراث عراقي قديم - مناظرة بين القهوة والشاي للشيخ حمود أبو خزينه السوداني

تراث عراقي عتيق أهديه الى المدمنين :
مناظرة بين القهوة والشاي بعد دخول الأخير الى العراق بصورة قصيدة شعبية للشيخ حمود أبو خزينه السوداني المتوفى في العام 1920
.................................................................
القهوة تخاطب الشاي :
ياعطّار گـلي أشجايبك ليّه ... أنت من العجم وآني يمانيه
الشاي :
آنه الچـاي الحلو تزهي مواعيني ... بللور وبرنج أو معدن وصيني
أنا شاه العجم وأملوك تجنيني ... وگودي من الفحم دخّان مابيّه
القهوة :
أنه بنت اليمن و ربات حاتم طي ... من بيت الكرم و الجود وأهل الزي
أنه جودي چـلت وأنته أشوي شوي ... أصلي من العرب ما نيش عجميه
الشاي :
ديوانچ وحش من كثرة الدخان ... دلّه مصخمه وملطخ الفنجان
خدامچ عبد لو تايه العربان ... محّد فرك وجهه من مزاويّه
القهوة :
أنا شمايكثر الديوان أضرب كيف ... أمرحب باليجي وأفرح بكل ضيف
يظل محزون وجهك مايگـصّه السيف ... زلمه أعلى الثلاثه يصيرلك ديّه
الشاي :
أيامچ مضن واليوم أيّامي ... أنا ليرة ذهب وأنت طرز شامي
آنّه أموّنس الملوك بحسن هندامي ... وأنت مصخمه بدخان مطليّه
القهوة :
أنا بنت العرب وشيوخ تجنيني ... ومن طرت الفجر دگـن هواويني
دلالي أمسكره و صيني فناجيني ... و أومي بالردن عطشان مر بيّه
الشاي:
سماور من شبه ومخدّر القوري ... أبياله مطرزه والصحن فرفوري
أچلي من القند لو شكر بللوري ... وشرابي ملك جاعد أبارسيّه
القهوة :
الأراسي أتأچدت موش لجنابك بس ... دوم الدوم نلعب بيهن محيبس
أنا أمن أحچي أوياك الحلكَ يتنجّس ... شي شفتوا البغل لازر الورديه؟
الشاي :
مامن بعد گـهوه اليوم بس الچاي ... عند أهل المدن والعرب مثل الماي
أمشي للعجم وأتزامطي وياي ... ماترضين بيهم للخباريه
القهوة :
ما عرف الرطين وما أعرف عجمان ... أصلي من العرب ماني أمن أهل طهران
آنه وياك الطلابه نمشي لـ(سلمان) ... يفرض بالنزاهه والعزوبيه
العارفه سلمان الغيلان :
نحچي بالفرس والفرس مذمومين ... العرب منهم تسمى طه أو ياسين
فركَ بين الأجلّه ولبدة النذلين ... أهل گـهوه وكرم وهل المعرفيّه
الشاي :
يرضى بالفراضه مشتبه سلمان ... أيعيب أعلى الفرس منهم أبن شروان
بيمن نزلت الآيه ونصّت القرآن؟ ... نزلت بالعجم يو باليعربيّه؟
القهوه :
مانحچي أبفرع ويّاك وديانه ... نحچي بالچريم و بشر بلسانه
ياهو المنتصب للظهر ديوانه ... أو ياهو الساد بابه وحاطله أربيّه ؟
.............................................................................
كل الشكر والتقدير الى الأستاذ / عبد الحميد كنين الذي حصل على القصيدة
صورة من أحد أسواق العراق في القرن التاسع عشر

صور أجتماعية من بغداد عام 1916 كما رواها الكاتب عبد القادر المميز

في اليوم السادس عشر من نيسان سنة 1916 كانت مدينة بغداد في فرح عظيم لايوصف ذلك لان الجيش البريطاني المحصور في الكوت تحت قيادة الجنرال تاوزند سلم بلا قيد وشرط الى قائد الجيش التركي خليل باشا.. واذا علم القارىء ان الجيش التركي لم يستفتح من بداية الحرب حتى سقوط الكوت باسير واحد من اسرى الانكليز وان ذلك الجيش تجاوز عدده الثلاثة عشر الفا.. يدرك اسباب فرح الترك بذلك الانتصار الباهر.
دخل الجنود الاتراك بلدة الكوت وكانت باكورة اعمالهم سلب الاطعمة الموجودة في الباخرة الانكليزية (جلنار) التي ارسلها الجنرال نكسون من البصرة لامداد الجيش الانكليزي المحصور في الكوت والتي اسرها الاتراك قبل وصولها.. لان الجيش التركي كان في ضيق شديد من جهة الارزاق فالنفر التركي لاياكل الا (قلاطة) بينما النفر الانكليزي والهندي يشرب الصودة والليمونات وهو جالس في الخنادق والحاصل (الحجي) طويل:
انتشر خبر الانتصار في بغداد ودقت طبول الفرح والبشائر فهاجت الناس وماجت ولاول مرة منذ اعلان الحرب سمعنا صوت الجالغي البغدادي في قهوة سبع حيث جلس الاستاذ صالح شمولي الكمانجي والسنطورجي يوسف بتو وابو الدف يوسف حمو يغنون بستة.
يا حب الغالي يا حب.. عبدك واريد انخاك.. ياعبودي لاياحبيبي ياحب.
وكان مدير معارف ولاية بغداد رجل التضحية والاخلاص والمعالي حكمت بك سليمان اراد ان يشرك جميع طلاب المدرسة في افراح الجيش فاصدر امرا بتشكيل (فنر الابي) وذلك بان تجمع جميع المدارس في المستشفى العسكري (المستشفى الجمهوري الان) فيسير الطلاب في الشارع العام بعد ان يحمل كل واحد منهم فانوسا بيده ابو الشمعة ويذهب هذا الموكب العظيم الى قبر الالماني القائد غولج باشا او (قولنج باشا) على حد تعبير امهات الكراع.. كنا انذاك في الصف السابع وكان طلاب الصف الثاني عشر كلهم مرشحين الى خدمة الاحتياط في الجيش يهزؤون بالاوامر ويسخرون من التعليمات واذكر منهم السيد سلمان الشيخ داود المحامي عبد الرحمن خضر حاكم بداءة الموصل. والدكتور توفيق رشدي والدكتور شاكر السويدي. وعبد الكريم بافي. سارت مواكب المدارس في ابهة عظيمة بين الاضواء المتلألئة وهلاهل النساء وتصفيق الاهلين وكانت مدرستنا تسير وراء مدرسة الصنائع وطلاب مدرسة الصنائع كلهم بهلوانيون في حين ان كل واحد من طلاب مدرستنا ينطبق عليه الشعر..
خطوات النسيم تجرح خديه.. ولمس الحرير يدمي بنانه.
ولكن شاء السيد سليمان الشيخ داود ان يسبب لنا نكبة في تلك الليلة وكان مع رفاقه يمشون في الصفوف الامامية فمزق النظام واراد ان يسبق مدرسة الصنائع التي ابت الانصياع لرغبته وحصلت مشادة عنيفة بين الطرفين انتهت بشجار عنيف جرى كل ذلك في محل مقابل لاوتيل سافوي وكنت اسير جنبا الى جنب مع كمال عبد المجيد (مدير ناحية الاعظمية) واذا بنا نرى طلاب مدرستنا يتراكضون وراء تلاميذ الصنائع يعقبونهم بسرعة مدهشة.
(اويلاخ راسي.. يامعودين راح اموت.. دخيلكم).
هذه الصيحات التي كنا نسمعها من رفاقنا في وسط ذلك الظلام الدامس بعد ان تحطمت جميع الفوانيس التي كنا نحملها معا من اثر الراشديات والكفخات. واخيرا لم ار بدا من ان امسك كمال من يده قائلا:
اولاد.. خلي انعالك والا ترة نطلع من خشمنة..
توكل على الله.. موافق..
ثم اخذنا نركض من شدة الخوف في وسط الشارع العام الذي كان يومئذ مكدسا بالحجار والاتربة وسقطنا على غفلة في حفرة يبلغ عمقها تقريبا المتر وانكسرت فوانيسنا على اثرها كما كان كمال يضحك بشدة من جراء هذا الوضع بشدة ومن جراء بعض النكات التي كنت ألم بها اخيرا ساعدنا بعض الرفقاء واخرجونا من الحجرة فكان منظرنا مضحكاً لان ملابسنا استحالت الى لون (المرمري) من كثرة الاوحال التي تلوثت بها ثم رجعنا الى دورنا مشتتين مبعثرين بعد ان كان ذهابنا في بادىء الامر يضاهي الامر العسكري. وفي اليوم التالي طرقت مسامع حكمت بك سليمان هذه الاخبار المزعجة فاسف لها اسفا شديدا وحضر الى مدرستنا بعد ان جمع الطلاب في غرفة واحدة والقى علينا خطبة طويلة انبنا فيها تانيبا شديدا فقاطعه السيد سليمان الشيخ داود.. بيك فوك حكة دكة.
ولكن حكمت بك وجه قارص كلامه اليه والينا بالطبع فكانت لكلماته عبرة بليغة في نفوسنا حتى تركنا مدرستنا المحبوبة على اثر دخول جيش الانكليز الى بغداد ..
(نقلاً عن صحيفة المدى البغدادية)



عبد القادر المميز رجل الفكاهة الثاني في تراث الأعلام البغدادي

الأدب الساخر في العراق يراه البعض شحيح بسبب حياة العراقي وطبيعتها الجادة التي لاتخلو من سمات الحزن
والألم نجدها واضحة في اغانيه واهازيجه وامثاله الشعبية وحتى النكتة العراقية اتصفت
بالغصة المكبوتة والسخرية المريرة، وفي ضوء هذا الحال ظهرت بعض الصحف الفكاهية
الاسبوعية التي قدمت خدمات جليلة للمجتمع باسلوب هزلي وساخر وفي الوقت نفسه كانت
وسيلة تنفيس وترويح للمواطن، ترسم على وجهه الضحكة والابتسامة وتجعله ينسى آلامه
ومعاناته، وبرز في مجال صحافة الهزل والفكاهة آنذاك كتاب وصحفيون لامعون منهم
الاستاذ عبد القادر المميز المعروف بـ(ابو حمد) الذي احتل المكانة التالية بعد
الكاتب والصحفي الفكة نوري ثابت(حبزبوز)... وقد اصدر المميز جريدته المعروفة بـ
(ابو حمد) التي تحاكي في الكثير من ابوابها وأعمدتها وتوجيهاتها(جريدة حبزبوز) وان
كان المميز اعنف نقداً واقسى سخرية في بعض ماكتب عن نوري ثابت وقد صدر العدد الاول
من هذه الجريدة يوم 19 تشرين الاول من عام 1933 بصفتها جريدة فكاهية اسبوعية، وتوجد
اعداد من جريدة(ابو حمد) الان في المكتبة الوطنية ببغداد ويحمل العدد الاخير منها
تاريخ 10121936 ... واسم صاحبها عبد القادر المميز ومديرها المسؤول نبيه المميز
شقيق عبد القادر.
وكتب المميز مقدمة افتتاحية بمناسبة العدد الاول لهذه الجريدة
جاء فيها: في فرع من سوق حنون(احدى محلات بغداد المعروفة حتى اليوم) خصص لبيع
الاسماك كان هناك طريق يتصل بالفرع فيه محل يحرسه رجل يكنى بـ(ابو حمد) ولقد سميت
المحلة باسمه.
ابو حمد هذا كان حارسا في هذا المحل في العهد الماضي وقد بقى فيه
على مايقول الشيوخ وكبار السن نحو اربعين عاما فعرف هذا المحل باسمه واطلق الناس من
انفسهم عليه هذا الاسم وقد توفى ابو حمد سنة 1927 وكان (رحمه الله) شخصية خاصة
وفكهه، ويسرد المميز مواصفاتها في افتتاحية عدد جريدته الاول حتى يقول: هذه الشخصية
الفكاهية الخفيفة الروح البريئة الساذجة، هي التي اتخذناها اسما لجريدتنا وأملنا ان
يتحمل القراء ماننشره من الفكاهة والدعابة على محمل بريء كروح مسماها.
وجريدة
ابو حمد لاتداعب الشخصيات ولاتمارس الهزل فقط وانما خلقت لمعالجة القضايا العامة
بقدر ماتسمح لها ـ بدلتها ـ الادبية وبقدر مايتحمل صدر وزير الداخلية لاسيما في بلد
يأخذ كل عام بل كل شهر وصفاً جديداً... وللمميز عناوينه الخاصة به التي تناول فيها
العديد من الظواهر الاجتماعية والسياسية بالنقد الساخر حد التجريح مثل جماغات، هاف
تايم، بالاشبار والباجي.
وفي العدد الاخير من جريدة(ابو حمد) يقول عبد القادر
المميز في صفحة جريدته الاخيرة: (غريب والله امر هؤلاء الناس الذين يريدون ان نسكت
عن اعمالهم وأفعالهم وندعهم يمرحون ويسرحون في هذا البلد وبين الناس دون ان نقف لهم
بالمرصاد).
وعلى روحه الرحمة والمغفرة فلقد اعلن في آخر عدد صدر عن جريدته
الغراء(ابو حمد) يقول: أقرأ جريدة ابو حمد صباح كل خميس لكن ذلك اليوم كان الخميس
الاخير في عمر الجريدة.
ويذكر ان عبد القادر المميز ولد سنة 1900 في محلة جديد
حسن باشا ببغداد وبها نشأ وترعرع وشغل في سني عمره عدة وظائف مدنية، وفي سنة 1930
فصل من الخدمة بموجب قانون خدمة الموظفين



الخميس، 11 سبتمبر 2014

حكاية فطومة العمية


في الصفات المميزة للشخصية العراقية لمن لايعرف طباع أهل العراق

أعتدت وأنا تلميذ في الجامعة على الطواف بدراجة هوائية مع صديقي ناجي أبن حنانش في تلك النواحي القريبة من بغداد , قلّما أخذنا معنا زاد أو شراب , كلما شعرنا بالعطش أو الجوع أقتربنا من بيت فلاح بسيط ونادينا (السلام عليكم يا أهل البيت , ممكن الله يحفظكم تعطونا شويّة ماي عطشانين) يردّون التحية ويخرجون الينا بشيء من اللبن وأحياناً مع شيء من التمر أو الخبز . كثيراً مادعونا للجلوس فيأتونا بغداء كامل . كذا فعلنا مع هذا البيت الخرب في ضواحي المحمودية جنوب بغداد , خرجت ألينا أمرأة عجوز (هلا , هلا , أولادي تفضلوا أقعدوا ) , أجلستنا على حصيرة و ذهبت , ذهبت وأختفت لنحو نصف ساعة , تعجبنا من أمرها وهممنا بالأنصراف , ولكننا سمعنا صوت خيل تقترب , نزل رجلان وبادرا لتحيتنا وأنضموا ألينا , تجاذبنا الحديث معهما وحكينا لهم أخبار بغداد , وحكوا لنا عن مصاعب الزراعة والعيش كفلاحين , وبعد قليل نادت المرأة عليهما فجاءا منها بوجبة دجاج ورز وخبز مع طاسة من اللبن الشنينة (تفضلوا ياشباب !) , ثم نادت عليهما ثانية فأستلما منها أستكانات الشاي , شكرناهما وهممنا بالأنصراف , قالا (يالله نمشي سوا , أنتوا على حصان الحديد وأحنا على خيلنا) , أزددنا تعجباً : أليس هذا بيتكم ؟
نظروا في وجوهنا ثم قالوا (ماتعرفون ؟ , هذي خرابة فطومة العمية , العجوز اللي شفتوها , نادت علينا حتى نقعد نتسامر ويّاكم مابين هي تحضّر الطعام ) , فمن أصول الضيافة مسامرة الضيوف , ولكنها كأمرأة لايليق بها أن تجلس مع الرجال , فسارت نحو نصف كيلو متر لتجلب أحداً من القرية يسامرنا و يشاركنا طعامنا , صعقنا لسماع ذلك , هذه العجوز الفقيرة الضريرة تذبح لنا دجاجاتها وتأتي بضيوف لمسامرتنا وهي لاتعرفنا ولا تتوقع شيئاً منّا ولا تنتظر لقائنا بها ثانية قط , هممنا بدفع شيء لها , نظر في وجهي أحد الرجلين ثم قال (أعوذ بألله ! ماتعلمون هذا , راح تخربون عليها كل سعادتها بهذا اليوم ! ) .... يبدو أن خالد و ناجي نسيا أنهما في العراق ! .
خالد القشطيني / كتابه / فكاهات الجوع والجوعيات /  كاتب عراقي بريطاني قدير



عائلة أجنبية بضيافه عائلة عراقية


ريمه أم العظام

استيقظت خضيرة فجر اليوم الرابع على وفاة زوجها المرحوم جاسم أبو إحسان . كان يعمل خلفة بناء ، و سقط في الشغل على رأسه من الدرج الخشبي العالي أرضا على الشيلمان ، فقضى نحبه . حمدت الله لأن اليوم الثالث على مجلس عزاء زوجها قد مر البارحة على أحسن ما يرام . لقد استطاعت تدبير المنزل أحسن تدبير خلال الثلاثة أيام المنصرمة . رهنت معضدها – و هو قطعة الذهب الوحيدة التي بقيت لديها من جهاز عرسها – عند الملّاية أم نجاة بثلاثة دنانير ، و اشترت نصف خروف كامل ، و الرز ، و الفاصوليا ، و معجون الطماطم ، و السكر ، و الشاي ، و الطحين . و لثلاثة أيام ، قدّمت الشاي و الكعك لكل الزائرات من الصباح حتى المساء . و ذبحت دجاجاتها الست ، فأولمت بهن و بلحم الخروف عشاء مناسبا جداً ليلة البارحة ، دعت إليه جيرانها من الرجال و النساء ، فأكل الجميع حتى شبعوا ، و شربوا بعدها الشاي ، و قرأوا سورة الفاتحة على روح زوجها المرحوم جاسم أبو إحسان . جعلت المعزّين من الرجال يجلسون في غرفة النوم المفروشة بالحصران ، و أجلست المعزّين من النساء في باحة الحوش المفتوحة المفروشة بالزرابي . لم تكن توجد في بيتها سوى غرفة واحدة تستخدمها للنوم هي و أولادها الصغار الأربعة و أبنتها الوحيدة الرضيعة خالدة ، و كذلك للاستقبال . دعت للوليمة كل أقارب زوجها و جيرانها من الرجال و النساء من أهل الدربونة ، و لم تنس دعوة جارتها داراً لدار ريما أم عظام رغم أعترض جارتها الثانية أم عباس .
- هيييههه ! بدادا ! ( تلطم على خدها !) على بختچ عيني أم إحسان : گولي غيرها ، أخيتي ! تعزمين هاي الگحبة البعيدة على ثالث المرحوم رجلچ ؟ يُمّا ، يُمّا ، يُمّا ! ما تخافين ، و أنتِ صاحبة جهال ؟ ها ؟ يجوز يصير عليهم شي ، لا سمح الله ! يجوز ينصگعون ً! كلشي يصير ! و أنت حرمة وحيدة ، و چادودچ عض لسانه و راح ، و عافچ بطرگ روحچ وي خمس زعاطيط ؟
- عيني ، أم عباس ، صلّي على نبيّچ محمد !
- الله المصلي على محمد و آل محمد !
- ألف الصلاة و السلام عليك يا رسول الله محمد . عيني أم عباس : الله وصّى على سابع جار ، لو لا ؟
- إي أخيتي ؛ إي ، موصّي !
- خلص ! الواحد إذا جاره چان يهودي ، لو مسيحي ، لو صبّي ، إشما يكون : بعد خلص ، هو صار إسمه جار ، و الله موصّي بيه !
تتدخل جارتها أم عبد ، و تقول :
- حَچيچ ذهب ، عيني أم إحسان . و بعدين منو يگول إحنا أحسن منها عند رب العالمين !
- على بختچ ، أم عبد ، يعني هاي الگحبة المسقّطة أحسن منّا إحنا بنات الأصول الشريفات ؟
- أم عباس ، شويّا هدّي برحمانچ ! ترى كل مريّة منّا هي گحبة إبّيتها ، و شريفة گدام الناس ! شويّا تساهلي ، أم عباس . و بيوم القيامة ، كل لشّة تتعلگ من كرعانها . أخيتي ، ميصير أحنا نشيل غيبتها للمريّة ، و هيَّ غافلة عنّا . الله يگول : لا تحچي على الكافر و هو غافل ! و بعدين ، ترى هيَّ كلّش خوش مرة : رايحة رادة توزع چكليت و ملبّس على الزعاطيط ، و تصلّي و تصوم ، و تذبح و تطبخ أكل بأربعين الحسين . و تشتري كل يوم جمعة كسور ، و توزعهن على الفقرا إللي يسموها : أم عضام ! و ربّچ ترى غفورٌ رحيم ! و ترى حرام عليچ أخيتي إتجيبين طاريها بالموزين ، و هي مريّة وحيدة ! يعني يصير چمالة فوگ غضب الله عليها بهاي الدنيا ، يجي غضب بنيادم ؟
تتدخل جارتهم الرابعة أم رابحة :
- ترى صدگ هاي المريّه كلّش خطيّه ، و تكسر الخاطر ! و الصوچ مو صوچها ؛ الصوچ من ذاك النذل اللي تعّالها ، و خلّاها تنجبر بيه ، و بعدين ورّطها ، و خلّاها تعيف أهلها . و بعد ما أكل حلاوتها ، دار وجهه و راح ، و رماها ذيچ الرمية السودا !
- صدگ ؟ تدرين ، أم رابحة ، هاي أول مرة أسمع هاي السالفة بيها ، و أحنا دار بصف دار !
- عيني أم أحسان : ريما بغدادية . أنجبرتلها بفرد واحد مهتلف ، و مسقّط ، و محّد ينطيه مَرَة . شمدريها المسكينة و هي زغيرونة ، و بعدها حْديثة ، و ماتفتهم من الدنيا شي ؟ شافته ولد حليو ، و يتمرضعلها ، و حچيه ناعم ، و يگح أباعر ، و شتؤمرين أسوّيلچ ، و عيوني أقلّعهن إلچ ؛ إنجبرت المگرودة بيه ! أهلها چانوا كلّش غنايا ، و الولد چان طمعان بفلوس أهلها . خطبها من أبوها ، بس أبوها ما رضى بيه ، و طرّده من البيت . گوم البعيد قشمرها بالحچي الحلو المسفّط ، و تعّالها ، و خلّاها تعيف أهلها ، و تنهزم ويّاه . جابها للحلة هنا ، و أجّر هذا البيت بقرش و نص ، و أتزوج بيها بورقة شرعية عند الملّا . أبوها من شاف بنته شردت من بيته ، و كسرت كلامه ، إتبرأ منها . الساقط رجلها من شاف أهلها ما ردّوا بنتهم إلهم ، و ما قبلوا بيه نسيب إلهم ، و عرف ما راح يطب بجيبه شي من عرسه بيها ، عافها و انهزم ، و بقت هيّ هنا وحيدة تبچي ، و تصفگ إيد بإيد ، بس شيفيد ؟ زين : إبّيش تعيش المهضومة ، ها ؟ راحت المسكينة ، و لزمت ذاك الدرب ، و أبوچ الله يرحمه !
- حقها عيني ، حقها ! تنلام ؟ شتسوّي و هيّ ما عدها لا والي ، و لا ناصر ، و لا معين ؟ هوايا زين سوّيتي أم إحسان من عزمتيها لعشا ثالث المرحوم أبو إحسان !
بعد أن صلّت أم إحسان صلاة الفجر ، أخذت تسبّح ، و هي تفكر . المرحوم أبو إحسان كان يشتغل أسبوعاً ، و يقعد شهراً . و ليس لديه أي مبلغ مدّخر ، و لذلك فقد اضطرت لرهن معضدها الذهب للصرف على مجلس عزائه . أكبر أولادها إحسان ، عمره أحدى عشرة سنة ، و هو في الصف الخامس الإبتدائي . البارحة وعدها شقيق زوجها حامد بالمساعدة . كيف ستستطيع العيش و لديها خمسة أطفال ؟ حمدت الله لأن الدار التي تسكن فيه يعود للمرحوم زوجها . قامت للمطبخ لتحضير طعام اليوم ! كانت قد عزلت ما تبقى من وليمة ليلة الأمس : لديهم بعض الرز و المرق الذي يكفيهم غداءً لليوم . في وجبة العشاء ، تستطيع قلي آخر ما تبقى لديها من الطماطم و البصل بالخبز . ما ذا عن طعام الفطور ؟ الخبز بالشاي ! الحمد لله !
في مساء ذلك اليوم ، زارهم حامد عم أطفالها ، و قال لها بعد أن شرب الشاي :
- عيني ، أم إحسان : أنت تعلمين بحالي جيداً . أنني لبّاخ : أشتغل يوماً أو يومين ، و أقعد شهراُ أو أكثر ! و أنا صاحب عيال ، و لا أستطيع الكذب عليك الآن ، و الإدعاء بمقدرتي على الصرف على عائلة ألمرحوم أخي و عائلتي معاً . أحسن حل هو أن تشغّلي أولادك . نحمد الله على أن إبنك الأكبر إحسان قد أصبح الآن رجلاً ، ما شاء الله ، و المدرسة لا تفيد . و لقد آن الأوان لكي يصبح هو أبا البيت ، فيعيلك أنت و إخوانه . يمكنه أن يأتي معي منذ صباح الغد ليشتغل في البناء . اليومية هي مائة فلس ، وهي نعمة من الباري الكريم . و يوماً بعد يوم ، سيتدرج في الصنعة ، و تزداد يوميته ، حتى يصبح خلفة بناء مثل المرحوم والده ! الله وكيلك ، ليس لدي في جيبي غير هذا الدينار ، و ها أنا أقدمه هدية مني لليتامى أولاد أخي !
في مساء ذلك اليوم ، صلّت أم إحسان صلاة الغرب و العشاء على سطح الدار ، ثم رفعت يديها للسماء :
- ربي ، أنت تعلم بحالي ، فارزقني ! لا أريد أن أصبح مثل ريما أم عظام ، فينكسر شرفي ، و يلوك الناس سمعتي . الشرف عزيز ، فارزقني برحمتك يا أرحم الراحمين !
سمعت ريما و هي تصلي على سطح دارها دعاء جارتها . و ما أن أنهت صلاتها ، حتى وضعت خمسة دنانير في صرة ، و تناولت ورقة كتبت عليها جملة واحدة ، ثم لفت الصرة بحصاة ، و رمتها في دار أم إحسان . سمع أحسان دقة الصرة و هي تسقط متدحرجة على أرضية الحوش ، فأخذها إلى والدته ، و فتحها ، و أعطاها الخمسة دنانير ، و قرأ لها الورقة :
- شيرزي عبي ، و عيّشي أطفالك !
في صباح اليوم التالي ، زارت أم إحسان بيت الملاية أم نجاة لتتعلم من صانعاتها كيفية شيرزة العبي . عادت إلى الدار مكتئبة : كان نظرها ضعيفاً ، و لا يعينها على الشيرزة الدقيقة .
في مساء نفس اليوم ، صعدت أم إحسان للسطح ، فصلّت ، ثم إشتكت لربها ضعف نظرها ، و عدم أستطاعتها تنفيذ أمره بشيرزة العبي . سمعتها جارتها ريما ، فرمت لها بصرة ثانية ، و فيها ورقة ، مع تسعة عشر ديناراً .
ألتقط إحسان الصرة ، و قرأ التذكرة لأمه :
- أشتري ماكنة خياطة ، و اشتغلي عليها !
في صباح اليوم التالي ، ذهب إحسان و أمه للوكيل ، فاشتروا ماكنة خياطة من طراز "سنگر" , و بدأت رحلة أمه الطويلة مع شغل الماكنة و الأقمشة و الخيوط و الإبر . ثم أصبحت أمهر خياطة في الحلة ! خرّجت أبناءها كلهم من أحسن المدارس ، و تعيّنوا بوظائف في الدوائر ، و هي ترفض التوقف عن الخياطة بالنظارات السميكة التي ترتديها !
بعد مضي عشرين سنة ، زارتهم جارتهم أم رابحة مساءً ، و قالت لأم إحسان :
- عيني أم إحسان . هستوني چنت يم جارتكم ريما ، و طلبت مني أن أجي لبيتكم ، و اگول لكم هيَّ تريدكم كلكم تزوروها هسّا في بيتها .
أسرعت العائلة كلها لبيت ريما . كانت الأبواب مفتوحة كلها . تعجّبوا من الأناقة الملائكية لأثاث البيت و ستائره و فرشه ، و عبق رائحة البخور الزكية المنتشرة في أرجاء الدار . كانت ريما مستلقية على سريرها في غرفة النوم ، و هي ترتدي فستان عرس أبيض من الحرير الخالص اللامع و المرصّع بالنجوم ، و التاج على رأسها ، و بشرتها تتوهج كالشهاب ، و عيناها الريميتان تقدحان كجمرتين دامعتين .
- السلام عليكم .
- و عليكم السلام يا جيران السرور . أهلاً و سهلاً بيكم . شرّفتوني و فرّحتوني بجيتكم ! أسمعني زين إبني إحسان : أنا سأموت هذا اليوم عند منتصف الليل . بعد صلاة الفجر ، تأتون كلكم للبيت هنا . ستكون الأبواب مفتوحة ، و ستجدونني ميّتة على سريري هذا . كفّنوني بالحبرة الكائنة تحت رأسي على بدلتي هذه ! و تقرأ أنت يا أحسان سورة ياسين عند رأسي ، و تصلّي على جنازتي . ثم توسدونني في التابوت الموجود في الغرفة الثانية ، و تحملونني ، أنت و أخوتك الثلاثة ، إلى المسجد الذي بنيته برأس الشارع . ستجدون قبري محفوراً هناك ، و الشاهد مكتوب ، و كذلك الطابوق و الجص حاضر . لا أريد إقامة أي مجلس للفاتحة على روحي . أنت يا إحسان المسؤول عن بيع كل موجودات هذا الدار ، و التصدق بها على الفقراء بمعرفتك . أما الإيجار ، فمدفوع إلى نهاية هذا الشهر ، و المفاتيح في الأبواب . بعد دفني ، و بيع الموجودات ، تجمع يا إحسان المفاتيح ، و تسلمها للحاج لطيف ، صاحب الدار . لم تعد عندي أية نقود ، فقد تصدقت بها كلها ، عدا خمسة دنانير تحت مخدتي . تأخذها يا إحسان ، و تدفعها لعمك حامد مقابل بناءه رأس القبر . أما مفاتيح المسجد ، فهي معلقة بالمسمار خلف باب غرفتي هذه . بعد دفني ، تسلّم المفاتيح للسيد محيي ليكون قيّماً عليه .
- صار ، عمتي !
- عيني ، إسم الله عليچ ، أخيتي ريما . على بختچ ، شنهو هذا الحچي ، عيني ؟ إنتي بعدچ شابّة ! و إنشاء الله عمرچ طويل !
- أم إحسان : كلشي إله أوان . و آني عمري صار أربعين سنة ، و زماني راح و خلص ، و لازم أموت اليوم . و الحمد لله على كل شيء !
- عيني ريما ، أخاف عطشانة ؟ تريدين أجيبلچ شويّة ماي ؟
- شكراً أم إحسان . روحي صارت ما تشتهي شي غير الموت . صار لي ست أيام صايمة . إنشاء الله أشوفكم كلكم بوجه أبيض ، بعد عمر طويل ، يَمْ رب العالمين ؛ نحمده و نشكره على نعمته ؛ وتعذروني من الإزعاج و التقصير ! ودّعتكم في أمان الله !
الكاتب / حسين علوان حسين - بغداد
صورة من محلة الكلجيّه قرب الميدان في أربعينات بغداد

الخميس، 4 سبتمبر 2014

صور نادرة من العراق الجزء الثالث من أرشيف مجموعة من الأساتذة و المهتمين بالتاريخ و التراث

 الأمام الحسين كربلاء
 الحيدر خانة في شارع الرشيد فترة الثلاثينات
 الحيدر خانه في الثمانينات بعد الاعمار
 شرطي يحرس آثار أور عام 1955
 مقهى في شارع الرشيد بغداد 1930
بائع الورد في أحد أسواق النجف الأشرف عام ١٩٥٢
 بداية سوق الشورجة من جانب شارع الرشيد بالقرب من جامع مرجان ( الصورة عام ١٩٥٢ )
 بغداد على جسر الشهداء

بغداد في العهد العثماني
 جاك شيراك في مدينة سامراء عام 1974

 جامع مرجان من مساجد العراق الأثرية القديمة، يقع في شارع الرشيد، في الشورجة ببغداد الصورة عام 1960
 جزء من سور بغداد والخندق المائي الذي كان يحيط ببغداد { الصورة عام ١٩٠٩ }

فتيات بغداديات من جيل الستينات في بغداد الفضل والحيدر خانه
جامع الخلفاء و سوق الغزل لبيع وشراء الحيوانات في بغداد عام 1969
 شارع الرشيد في الثلاثينات
 شارع السراي في بغداد { قبل الحرب العالمية الاولى }
 شارع السراي من معالم بغداد التأريخية

 صورة جديدة لشارع الرشيد في بداية الستينات
عبد القادر الكيلاني ببغداد 1909

 صورة أطفال يلعبون من بغداد في الستينات


 طاق كسرى .... المدائن في الستينات
 طالبات اليهوديات يمارسن لعبة التنس في مدرسة لورا خضوري ببغداد 1924

 عبد الكريم قاسم مع اللواء الركن احمد صالح العبدي و العقيد فاضل عباس المهداوي في ساحة التحرير 1959
 عدسة أحد الرحالة الفرنسيين عام 1909
 محلة الفضل في شهر محرم بغداد عام ١٩٣٠

 قبة الشيخ عبد القادر الكيلاني  ويمتاز مرقده بقبتين واحدة بيضاء كبيرة جدا تظهر بجانب الشخص الموجود بالصورة

 مدير عام الموانئ العراقية السيد مزهر الشاوي وهو يكرم أحد الأندية الرياضية في البصرة عام 1962

 مقهى على الطريق بأطراف بغداد
من داخل سوق الأستربادي الكاظمية بغداد عام 1932
الموصل