كان (عبود) يكابد الألم المحبط وهو يدافع عن نفسه وسط جمهرة غاضبة من سكان الحي , ليبرر غرابة ماقال قبل يومين, فقد أختُطِف والده وهاهو يعود سالماً الى أهله , الحدث ليس بالغريب مع أحداثنا المضطربة , من حسن الحظ أن (الوالد) نجى في سابقة نادرة, أفواه الناس تردد وأساريرهم مبتسمة , لتكسر حكايته جمود النهايات الدراماتيكية المرعبة , يقول أن العصابة التي خطفت أباه أتصلت به من هاتف والده وطلبت الفدية في المرّة الأولى , سبعة دفاتر , تم تخفيضها الى أربعة , وقبل أن نكمل روايته دعونا نعرّج على رواية الناس المتجمعين حوله أبان فترة الخطف الصعبة لتتضح الصورة كاملة, يقول أحدهم : في الأتصال الثاني للمجرمين كان (عبود) قد أستوعب الصدمة وتداول الأمر مع أخوته وأخبرهم أنه لايملك درهماً , أجابته العصابة أن له ثلاثة أيام وبعدها سيجد والده جثة أكلتها الكلاب السائبة, أجابهم بثقة أنه لايكترث , قال لهم بصريح العبارة : أقتلوه , ولانريد منكم سوى السيارة (اللوري) مع قناني الغاز التي تحمل , وأسترسل بوقاحة : أخواني في العصابة هذا الذي عندكم ليس أبي , ولم يكون أباً لأحد , نحن نتمنى من زمان أن نتخلص منه , وبهذه المناسبة تقبلوا خالص أمتناني وشكري , أصالةً عن نفسي ونيابة عن كل أفراد العائلة
أستغرب كل من سمع تلك المكالمة حتى شاع الخبر في كل المنطقة ,أن عبود يتمنى أن يُقتل أباه على يد الخاطفين ولايريد سوى (سيارة الغاز) , أي أبن عاق لا يملك ذرة مباديء وأخلاق ينتهز مثل هكذا فرصة للتخلص من والده , أبن حرام , كلب , حقير , رددت الناس جميعها
نعود الى عبود لنكمل الأصغاء لروايته :
يا أيها الناس , جميعكم يعلم أن للبيوت أسرار , وسأكشف سر بيتنا كي تعرفوا مانحن فيه من مصيبة وتدليس وألتباس
أبي ظالم , جعلنا نعاني في تلك الحياة وكأننا أطلال موتى مكابرين كي لا ندفن, شقيقي الأصغر مات بسببه , فقد أجبره أبونا (الذئب) على ممارسة التسول في تقاطع بعيد ليختفي , حتى وجدناه في الطب العدلي , أما الأوسط فقد هرب من سطوته وظلمه , أخي الأكبر معاق بسببه فقد قصم ظهره بضربة على عموده الفقري ليلازم القعود الأبدي , كلنا تركنا المدرسة فهو يكرهها من أجل أشباع أمراضه في الجهل والتخلف , هو وحش تسمونه أبي , يكد من أجل غيره ولا يرعى سوى نفسه , أصحابه مدمنين طفيليين سفلة يتنعمون لوحدهم بما نكسب, يستعرض قوته الفارغة أمامهم فيما هو ضعيف لدرجة جعلتنا فريسة للأعتداءات من العابثين في كل لحظة , بيتنا منتهك , حيطانه سقطت دون أن ينتخي , تصوروا أنه يقيم الولائم في ليالي الشتاء الطويل ونهارات الصيف الأطول دون أن يسمح لي ولأخوتي بأكل الخبز أو أرتشاف القطرة , أنه مجرم لايقل دنائة عن عصابة الخاطفين, بل أن الأخيرة لاتقارن معه فهي أشرف , والدليل أنهم أطلقوا سراحه وأكتفوا بأخذ السيارة مع قناني الغاز , وليتهم فعلوا العكس , فنحن الآن دون سبوبة ولا عمل , مؤكد سيبيع البيت ويشردنا في أول صفقة , نحن عنده عبيد وفرائس منتهكة , مفهوم الأب أن يكون خيمة عطاء وحنان على عائلته , فيما أبينا كان علينا سخطاً وجحيماً ومنايا مستهترة .. تكلم عبود ساعات دون توقف , وكأنها المرة الأولى التي يتكلم بها , تأفف الناس وهم حاسري الرأس وبعد صمت طويل تفرّقوا , جميعهم حث الخطى نحو بيوتهم مسرعين , ليسألوا عن أولادهم للمرة الأولى في تاريخهم , كان صوت يأتي من مذياع قديم من بيت متهالك بعد أن خلت الجادة تماماً يقول بألم :
قالوا حكومتنا شورى فقلت لهم
أنعم وأكرم فهذا القصد والأربُ
في البرلمان رجال ليس ينقصهم
عن البهائم الا السرج والذنبُ
فللمساكين ماجادوا بخردلة
إلا وكانت من الشيء الذي نهبوا
هل يقبل الشرع بالخنزير تضحية
ياليت مانهبوا منّا ولا سلبوا
.. أنتهى ولن تنتهوا
أستغرب كل من سمع تلك المكالمة حتى شاع الخبر في كل المنطقة ,أن عبود يتمنى أن يُقتل أباه على يد الخاطفين ولايريد سوى (سيارة الغاز) , أي أبن عاق لا يملك ذرة مباديء وأخلاق ينتهز مثل هكذا فرصة للتخلص من والده , أبن حرام , كلب , حقير , رددت الناس جميعها
نعود الى عبود لنكمل الأصغاء لروايته :
يا أيها الناس , جميعكم يعلم أن للبيوت أسرار , وسأكشف سر بيتنا كي تعرفوا مانحن فيه من مصيبة وتدليس وألتباس
أبي ظالم , جعلنا نعاني في تلك الحياة وكأننا أطلال موتى مكابرين كي لا ندفن, شقيقي الأصغر مات بسببه , فقد أجبره أبونا (الذئب) على ممارسة التسول في تقاطع بعيد ليختفي , حتى وجدناه في الطب العدلي , أما الأوسط فقد هرب من سطوته وظلمه , أخي الأكبر معاق بسببه فقد قصم ظهره بضربة على عموده الفقري ليلازم القعود الأبدي , كلنا تركنا المدرسة فهو يكرهها من أجل أشباع أمراضه في الجهل والتخلف , هو وحش تسمونه أبي , يكد من أجل غيره ولا يرعى سوى نفسه , أصحابه مدمنين طفيليين سفلة يتنعمون لوحدهم بما نكسب, يستعرض قوته الفارغة أمامهم فيما هو ضعيف لدرجة جعلتنا فريسة للأعتداءات من العابثين في كل لحظة , بيتنا منتهك , حيطانه سقطت دون أن ينتخي , تصوروا أنه يقيم الولائم في ليالي الشتاء الطويل ونهارات الصيف الأطول دون أن يسمح لي ولأخوتي بأكل الخبز أو أرتشاف القطرة , أنه مجرم لايقل دنائة عن عصابة الخاطفين, بل أن الأخيرة لاتقارن معه فهي أشرف , والدليل أنهم أطلقوا سراحه وأكتفوا بأخذ السيارة مع قناني الغاز , وليتهم فعلوا العكس , فنحن الآن دون سبوبة ولا عمل , مؤكد سيبيع البيت ويشردنا في أول صفقة , نحن عنده عبيد وفرائس منتهكة , مفهوم الأب أن يكون خيمة عطاء وحنان على عائلته , فيما أبينا كان علينا سخطاً وجحيماً ومنايا مستهترة .. تكلم عبود ساعات دون توقف , وكأنها المرة الأولى التي يتكلم بها , تأفف الناس وهم حاسري الرأس وبعد صمت طويل تفرّقوا , جميعهم حث الخطى نحو بيوتهم مسرعين , ليسألوا عن أولادهم للمرة الأولى في تاريخهم , كان صوت يأتي من مذياع قديم من بيت متهالك بعد أن خلت الجادة تماماً يقول بألم :
قالوا حكومتنا شورى فقلت لهم
أنعم وأكرم فهذا القصد والأربُ
في البرلمان رجال ليس ينقصهم
عن البهائم الا السرج والذنبُ
فللمساكين ماجادوا بخردلة
إلا وكانت من الشيء الذي نهبوا
هل يقبل الشرع بالخنزير تضحية
ياليت مانهبوا منّا ولا سلبوا
.. أنتهى ولن تنتهوا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق