الأحد، 30 سبتمبر 2012

ظل البيت لمطيرة وطارت بيه فرد طيرة


أول من أبتكر شخصية مطرة أو مطيرة هو المرحوم عبد الساده كصّاد  حتى ذهبت مثلا" يتداوله العراقيون يضرب في المال السائب والحال المائل دون أدنى مسؤولية أو أنصاف فقال أهزوجتة في نقد الأنكَليز :


مطره البيت واهل البيت وحـﮔـها من تصاوغ بيه
اشـﭽم مره تجي للبيت مطره وخالي اهو تلـﮔيه
من عشرين لثلاثين للخمسين مطره تبوﮒ وتضم بيه
الرايد يحفظ هذا البيت .. يطلـﮒ مطره 
وهذا الحايف ما يدناه ...
وقال في السخرية من الأنكليز :
يمنادي الشعب لباك من لبيت
ذبحت أهل الفرات أعليك ماخليت
سويتك حكومة وسلميتك بيت
أشلون أتسلم البيت ألمطره أو مطره تصاوغ بيه

وفي نقد الحكومة محذّرا" من غضب الشعب :

تلعب دوملة وكاغد حكومة شلون مرتاحه
من ملهى لعد ملهى ومن ساحة لعد ساحه
ما تدري الشعب مالوم ساعه وكبّر صياحه
كل يوم وصاوغ نوري بهاي الناس .. دخيلك يالله دخيلك
(دوملة : لعبة الدومينو ) ( كاغد : لعبة الورق ) (نوري : نوري سعيد ) ..
وله أهازيج لا أنساها يقول فيها  :
لاني بحال الراح ولاني بحال الجاي
بحال البير الشربوا منّه وبزّوا بيه

وأحفظ له :
أتصوّر بلّه تصوّر  .... هاي الخمرة الخلّت نوري ويا النسوان


الشاعر عبد السادة كصّاد من شعراء ورجال ثورة العشرين المعروفين وهو رئيس عشيرة البومعن في الرميثة المشهوره بشعراء الحسجة والبلاغة الشعبية كان أقرب الى ( المهوال) الذي يرفع من عزيمة رفاقه حين يكونون في خطر أو يتعرضون الى ظلم  
قال على لسان المؤرخ عباس العزاوي حين ألتقاه في العام 1934 :
كان عمري في 30 حزيران عام 1920ـ 26 عاما فقط.. وقد شاركت فيها ورافقت الثوار ولي الفخر والاعتزاز انني قاتلت ضمن صفوفهم.. وكان واجبي ايصال الارزاق من طعام ومال الى الثوار وشد عزيمتهم ورباطة جأشهم بالقاء القصائد بينهم لرفع معنوياتهم القتالية وقد عشت معركة (ابو صخير) المعروفة ففي 10 تموز 1920 وصلت الباخرة الانكليزية (فاير فلاي) لتحاصر (ابو صخير) وتضرب الثوار ولم يكن الثوار يعرفون ان الانكليز كانوا قد حفروا ساقية سرية تحت الارض لتوصل الماء من النهر الى الحفر.. وعندما علموا اجتمعوا في بيت احد الثوار هو السيد هادي زوين الذي وزع المهمات على عشائر آل فتلة وآل ابراهيم والغزالات وآل شبل وهي عشائر معروفة "يسترسل السيد عبد السادة في حديثه ويتحدث عن الثوار يتناسى انه احدهم وهو شاعرهم" يقول: ذهبنا لنلتقي بالجيش الانكليزي القادم الى (ابو صخير) حيث تلاقينا فصار اهل الشامية قوة اخرى للثوار من الجهة اليمنى واهل المشخاب.. وفي الساعة السابعة مساءا داهمنا الجيش الانكليزي فقتلنا المدفعي بالمكوار وقتلنا حوالي ثمانين جنديا انكليزيا واسرنا 120 اخرين بينما لاذ الباقون بالفرار.. وفي اليوم التالي بعثنا الاسرى الى الحيرة وتوجهنا الى الافواج الانكليزية التي كانت مهمتها المرابطة بين الحلة ومنطقة النبي ايوب فهاجمنا الانكليز وسقط منا خلال الهجوم خمسون ثائرا بينما قتلنا من الجيش الانكليزي 120 جنديا ولاذ الجيش امامنا بالفرار وواصلنا السير حتى حررنا الحلة والرارنجية والرستمية وجناجة وطويريج وسدة الهندية، وحاصرنا الوند ثم دخلناهم في 30 كانون الاول عام 1920.
ولم ينس (ابو لقمان) دور الشعر في المعارك التي خاضها الثوار ضد الانكليز فيقول لقد كان للشعر الشعبي وخاصة "الهوسات" اثر كبير في رفع معنويات الثوار والارتقاء بها الى النصر فيقول من شعره في الثورة.
بعنه رجالنا الماتنشره بفلوس
فتنة على الطواب وغنت النه الطوس
عدنه شهود كثره شراحت النه نفوس
يتعاده ويانه الوظفناه ....
 كان صديقا" لوالدي رحمهما الله ولم ينقطع تواصلهم رغم أن الوالد تنقل مابين الرميثة التي سكنها فترة الثلاثينات حين كان مقاولا" ينجز مشاريع الري فيها و بقيت علاقتهم حين أنتقل الى شهربان و حمرين والمشاهدة وبغداد من خلال (المكاتيب) والقصائد والزيارات القليلة التي كانت صعبة حينها بسبب صعوبة السفر آنذاك , أشترك في مهرجانات شعرية كثيرة كان آخرها في العام 1980 حتى أقعدته الشيخوخة وتوفي عام 1999عن عمر ناهز 105 أعوام وتوجد له تسجيلات أحاول أن أجمعها لنحفظ تاريخه
 


صورة حصرية للشاعر الفراتي عبد الساده كَصّاد

الكاتب والباحث محسن لفته الجنابي



الاثنين، 24 سبتمبر 2012

ثماني سنوات بين الكوت والموصل - في ذكرى الحرب العراقية الأيرانية



كنت يومها في الكوت في زيارة الى بيت شقيقي العسكري هناك حين فوجئنا بثلاثة طائرات صفراء ترعد منخفضة ظهيرة يوم لن أنساه هو الأثنين 22/9/1980 , شكلها مضلع لاتشبه السوخوي و الميكَ 21 ولا 23 ذات الأجنحة المتحركة
 
, قامت بصب نيرانها على قاعدة أبو عبيدة الجوية , كنّا قريبين نلعب الكرة على شاطيء الغرّاف ولايفصلنا عن القاعدة التي يعمل بها أخي سوى عرض النهر , تسمرنا دون خوف مع دهشة نستمتع بمشاهدة ألعاب ناريّة ضخمة و صوت وعصف لم نشهده فقد أشبع المشهد الغير مسبوق فضولنا فرغم متابعتنا المستمرة لأفلام كارتون لكننا لم نشهد مثلها , عتبت في نفسي على قناة 9 فهي لم تكن تعرض الحروب والقتال أما قناة 7 فشتمتها فكل برامجهم هادئة وعلمتنا على الهدوء فأنعدمت الأثارة عندنا , كانت أشياء تطير في الهواء ليسقط قسم منها قربنا (تبين فيما بعد أنها قطع حديد ساخنة تقتل من تصيبه يسمونها شظايا ) كم نحن أبرياء أو بالأحرى أغبياء ولانعرف أن هنالك من يقتل الناس لمجرد القتل وأن لم تكن هناك ضغينة أو عداوة مسبقة أو طرفا" في (عركه) فقد كنا على وشك أن نقتل دون أن نعلم , عدنا من الشاطيء الى بيت أخي وجدنا المجمع مكتظ بالناس في ترقب وقلق أثار قشعريرتنا , يبدو أن الأمر ليس فلما" أو مهرجان ألعاب ! تأكدت من ذلك وأنا أقرأ عيونهم ,
سأل أحدهم : كم ستبقى تلك الحرب ؟ أجاب شاب مسرع الخطى : يوم ... يومين و تفض ... أجابت أمرأة ثلاثينية : يمّه ! ثلثتيام ؟ شيخلصها ؟
واحد المتجمهرين : يكَولون جابوا سيد مالك ومشى على السدّة خاطر ماتنضرب .
واحد آخر : اليوم بالأخبار دعوا تسع مواليد
كبار السن كانوا قلقين أما الشباب فأسرعوا للبحث عن أخبار أخرى سمعنا لأول مرّة بأسماء لم نكن نسمعها زين القوس و سيف سعد مطار مهر آباد وديزفول وقصر شيرين (معقولة هالكَد أكو مكانات بالعالم !! ) ...
أسرعت لأقرب جهاز تلفزيون :
كان صوت عبد الحليم يصدح : يا أهلا" بالمعارك يابختو مين يشارك ...
وصوت أم كلثوم : بغداد ياقلعة الأسود و فهد بلان يقول : ويلك ياللي تعادينا ويلك ياويل شبه النار تلاكَينا بظلام الليل و مائدة نزهت تصيح : كَول ياعز العرب و فاضل عواد : يمّه يماه يمه شدّيت الجرغد بزنودي .. أما صلاح عبد الغفور فكان لابس شفقه عجبتني كون أحصل وحده مثلها لأن ماكو بالسوكَ منها .. وبصوته الحلو يصيح : أتقدم وأحنا وياك أثنين ... بعد بيتي
كانت أجواء حماسية صحيح كلها العالم مرعوبة , بس الأطفال فرحانين ما أعرف ليش , يمكن لأن مايعرفون شنو السالفة
الحجية كامت تلطم لما طبيت البيت : أخوك بالقاعدة و أنضربت كل طياراتها وأنت ويه أصدقائك تلعب طوبه ؟
الظاهر الشغلة ثخينة ... الحمد لله سمعنا هورن سيارته , ها شكو ماكو ؟ الحمد لله على السلامه , كان مو على بعضه , أشو ساكت مايحجي وهاي مو طبيعته , قال : حضرولي كم دشداشة ولاتنسون الشحاطة لأن لازم أرجع بسرعه للقاعدة
يابه الشغلة حيل ثخينة مو لعب جعاب وبيها كتل ومكاتل
الحجية : آني دقيقة ما أبقى هنا , خلي أرجع لبغداد , الكوت قريبة على أيران ويجوز يقصفونها النوب ونموت كلنا .. بعد عيني يا سيد مالك , ما مشى بس على السدة
عدنا الى بغداد فورا" بمنشآت نقل المسافرين (كانت حلوة و أحبها تكول صاعد بطيارة )
وصلنا لتقاطع المدائن مع غسق الشمس , حتى رأينا المشهد اللذي لاينسى , فقد تحولت بغداد من بعيد الى كتلة نار , كان السائق يقف أحيانا وبعدها يسير ببطء فقد شبت النيران الى عنان السماء وكأن الطريق يشتعل أمامنا , خزانات نفط كانت قريبة من الطاقة الذرية تم قصفها , توقف السير أكثر من ساعة حينها , وصلنا متعبين وسط هدوء , حتى دوّت صافرات الأنذار , غارة جوية ( كلها تصيح طفّوا الأضوية , هذا منو شغّل ضوة الحمام ؟ و مانامت الوادم لحد الوحدة بالليل ) وثاني يوم بالجريدة : أسقاط 67 طائرة معادية وتحرير زين القوس وسيف سعد و كنّا نقرأ الصحف حرفا" حرفا" نريد أن نعرف مايجري
وأستمرت حرب الثماني سنوات العجاف جدا" حتى جاء خبر أنتهائها أستقبلت الخبر وأنا في في معسكر طلابي في الموصل غير مصدق كما الجميع , بدأت معي من الكوت وأنتهت في الموصل ولم أستفد من تلك الحرب سوى بفكرة واحدة , أن الأنسان مخير بكل شيء الا ثلاثة فهي تفرض نفسها عليه :
أسمه فهو يأتي قبله و الحب ليسوقه قلبه , والحرب أذا أقبلت فهي قدره فلامهرب منها .
أودعناكم وتصبحون على سلام


الحوار المتمدن - القصة - شهادة فتى بريء عن الحرب العراقية الأيرانية

الخميس، 20 سبتمبر 2012

الدين بين التسخير الدنيوي وجشع المتسلطين

                                                                 المقال في موقع كتابات

 أستخدم الدين في تاريخنا القديم والمعاصر كأداة لتمرير المخططات خصوصا" من قبل الحكام بأنواعهم  الثلاث  (معتدلين ومستبدين وطغاة مغالين) , وهذا الأمتطاء ليس بجديد علينا فله جذور عميقه في الأمه (العربيّه و الأسلاميّه) تمتد لتصل الى أيام الجاهليّه وما سبقها , فلا يخفى علينا هذا الأسلوب من التسخير في فرض قريش سيطرتها على الجزيره العربيّه و مايحيطها من خلال أستخدامها لسطوة الدين المزدوج الأتجاه (وثني - توحيدي ) وأمامتها للقبائل فهو لايفرق عندها مادام يلبي مصلحتها العليا وينعم عليها بالجاه والمال و الرسوم تحت شتى المسميات , وعند ظهور الأسلام كدين وضع حدودا" صارمه للتعامل الأنساني في شتى الأصعدة , أستطاع المتربصون اللذين يسري في دمائهم حب سلطة الملوك الغير المتوّجين عينهم وأولادهم بأحياء مبدأ الترسيخ , و بأسلوب أكثر صرامة , وصلت الى أتهام كل خصم لهم بالتكفير والتفسيق والأتهام بالهرطقه والزندقه , وهكذا بدأت مرحلة ظهور التسخير بحلّة جديده أشد فتكا" خصوصا" بعد وفاة نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم مما تسبب فيما بعد بسيل من الفتن أدت الى شق صف المسلمين لازالت تأثيراتها واضحة حتى هذه اللحظة , وأستمر هذا الأسلوب في كل عصر تلى تلك الحقبه , أيام الأحتلال العثماني وأضمحلت نسبيّا" أيام الأستعمار الجديد (الاوربي) لكنها ظهرت قويّه مع مرحلة تأسيس الحكومات العربيّه مطلع القرن المنصرم , لاتختلف عن كونها ملكيّة أو جمهوريّة وترسخت وفق مفاهيم جديده , تختلف شكلا" , لكنها تتشابه في المضمون اللذي يرسخ الولاء للحاكم و يعاقب الخارج عن السيطره ويدينه كخارج عن أولي الأمر بحسب تفسيرهم المصلحي الفضفاض للاية الكريمه :
يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم
فنجحت الأنظمه الشموليّه خصوصا" الملكيّه ( السعوديّه والمغرب والأردن و أمارات الخليج ) بضمان بقائها أطول فتره يمكن أن يتصورها العقل , شاطرتها أنظمة ملكيّه غير معلنة مثل مصر (طوال حكم مبارك وتأييد الأزهر المتواصل له) ودول أخرى, ذلك المكسب الكبير
وأثر أتّضاح نجاح ذلك النهج على مر مئات السنين وبحسب نظريّه التطور في الفكر التسلطي , فقد أنتقل الى كيانات جديده , صغيرة وكبيره, فمن المفارقات الجديره بالذكر , أن من بين تلك الكيانات (العراق أنموذجا") , تيارات وأحزاب معارضه , وتنظيمات محظورة مثل السلفية الجهادية و الميليشيات (جميعها تستخدم الدين لأجل السيطره و البطش بكل من يخالفها الرأي تحت ذريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر !!)  , وأنظمة في السلطه تلعب على عدّة حبال بعد أن أجتاحتها تيارات العولمة  , فهي أسلاميّة في تصفيّة الخصوم والأستئثار بالسلطه , وديموقراطيّه أمام المجتمع الدولي شكلا" فقط !! , تلك الديموقراطيّه التي تأتمر بأوامر رجال الدين وتوجه علانيّة من قبلهم والى الان. فذقنا بها ويلات لم تألفها الأنسانيّة جعلت من البعض منّا يطلق شكوكا" تصل في مداها الى صميم الرسالة و يتوجس من مباديء الدين الحنيف خوفا" كونها وعلى مر العصور قابلة للتغيير بحسب أهواء أولي الأمر , ويتم تكييفها كأسلحة فتّاكه بأيديهم
رحم الله مفكرنا الخالد ( الدكتور علي الوردي ) فمن مثله سبر أغوار المجتمع العربي , ليفضح الأسلوب الأكثر بشاعة اللذي أتبعه المتسلطون (حكام وتيارات وتنظيمات) لتمرير مخططاتهم والوصول الى أهدافهم والتي هي في الغالب قذره, من خلال أمتطاء صهوة الدين المقدس النبيل .14  نيسان 2011

وراء كل رجل عظيم أمرأة تبيع السمك



كان زميلنا (خالد) يحتل مرتبة الأناقة الأولى ,ليس على مستوى كليتنا بل ربما يتعداها لينافس الطلاب الأغنياء في كل جامعة بغداد , يتفنن في أرتداء البدلات , لديه سيارة سوبر موديل 1985 , عجبة آلهية حينها لايمتلكها أبن الوزير لاسيما وأننا في العام 1988 , ليقترب من آل بنيّة والدامرجي و أبن عضو القيادة القطرية , كانوا معنا وغيرهم في تفاوت مجتمعي تحت وطأة نظام أشتراكي هجين مثقل بحرب ضروس ليشترك فيه الجميع بحد معين من مراتب المساواة و لم يخرقه الا المتميزين ممن ذكرتهم .. كان خالد أحدهم 
في يوم من الأيام دعاني الى بيته مع صديقنا (رعد ), كما نفعل دائما" كانت عزومة سمك لاترد , بيته في (جميلة ) , أخبرنا أنه سيعرج على منطقة (النهضة) , وصلنا الى حيث باب الكَراج الموحد , ترجل وطلب منّا أن نترجل معه , أتجه الى بائعة سمك , وتقدم نحوها ليقبّل يدها ورأسها , و نادى علينا كي نسلم عليها , كنّا مستغربين قليلا" , فكسر الجمود , ليخبرنا أن بائعة السمك هي والدته , نعم , كانت والدته , خمسينية تفترش الأرض أمامها (طشت ) أو أكثر .. حييناها بقوة و وقفنا لبعض الوقت لنواسيها على التعب و كيف أنها مهنه تتطلب صبرا" و جهود و أستيقاظ مبكر قبل طلوع الفجر للذهاب الى علوة السمك ومن ثم تهيئة الثلج و التنظيف عند البيع , أندمجنا مع (أم خالد ) شجعنا أبنها (صديقنا خالد) حين بدى فخورا" بأمّه بعيدا" عن ( الأستنكاف ) الى حد كبير , وكانت هي أيضا" فخورة بأبنها , وبعد حديث طويل عن أنواع و أشكال الأسماك أخبرناها عن أناقة خلودي و ثرائه فأبتسمت أبتسامة الواثقين بعد أن أطمئنت بأننا غير حاسدين .. حمل خالد (الطشتين) مع أدوات البيع ليركنها في كشك قريب و تربعت أم خالد في مقدمة (السوبر 85) ونحن الى الخلف و تبادلنا أحاديث تنم عن طيبة وأيثار وسط أجواء غمرتنا بشعور غريب , مشهد لن أنساه زاده طعم السمك المشوي رسوخا" في أذهاننا بقيت , أجملها مشهد المرأة العملاقة المجاهدة الحقيقية (أم خالد) تلك التي تصنع من طشتها و زفرة سمكها أناقة وثراء وأكتفاء و شهادة يحملها بالنيابة عنها أبنها , ليكمل عنها مالم تنله لتساهم في رفد أسطوري لرسالة الحياة .


القصة على الحوار المتمدن شرفونا بزيارتكم

أمور يدبرها حليم ويطلع من عواقبها سليم - أستعراض للمشهد العراقي



يقولون ( اذا أبتليتم أستتروا ) ومع عدم ترجيحي لهذا المثل رغم قول البعض أن أصله حديثا" ضعيفا" فهو علاجا" مؤقتا" ينجح في عدم أشاعة الفواحش لحقبة زمنية سرعان ماتفوح بالموبقات صغائرا" كانت أم كبائر كوني أراه متناقضا" مع عصر النور و يغطي على المفاسد دون أن يفضحها ليبرزها الى الساحه , فلا أصلاح دون الأعتراف بالمشكلة فرفعت شعاري ( أنعل أبو السر لا بو اليضمّه ) ليكون سلاحي في الفضح ضمن حدودا" أخلاقية و بعد أهوال المعاصر من الكبائر فلا زلنا نخوض في فساد يومي جعل الشرف شذوذا" والكبائر واقعا" يسير في مواكب مهيبة و يظهر في وسائل الأعلام ويعتلي المنابر 
كان الحكيم (حليم ) شيخا" جليلا" من أصل طيّب حافل بالمآثر يملك من سدادة الرأي الكثير ليفرض أحترامه حتى بات حكمه ملزما" لأتفاق القوم على رجاحته دوما" رغم الغزوات والثارات و الضغائن و خلافات ما أنزل الله بها من سلطان تجذّرت في نفوس (العربان) و تربعت لتكون جزءا" من تكوين الأعاجم
أكتشف في لحظة خيانة أمرأته مع أمين سرّه ورئيس جنده في صولات شبه يومية تنال جزئه المرهف الأغلى الا وهو شرفه , لم يستغرب فقد راودته الهواجس شتى في أوقات سابقة لجمال أمرأته وطمع الكثيرين بها يبغون القرب منها , وكعادته فقد أمتثل لنور عقله ,
فما كان منه الا أن يطلّقها ليسعى بنفسه في تزويجها من عشيقها بعد أكتمال عدّتها بهدوء و روّية آخذا" بعين الأعتبار مصلحته و عشيرته و كل الدويلات المجاورة كي يحفظ ماء وجهه و يحافظ على أرثه لتزداد مكانته ليكسب مجدا" كبيرا" فوق مجده 
أنتقل غرمائه للعيش في بلاد بعيدة وبقي متربعا" على قمة النبل و البهاء والعفّة 
وهكذا أنتهت القصة التي أضعها دوما" نصب عيني كخارطة طريق في حل مشاكل كثيرة يمكن أن تواجهني وغيري ممن يعرضونها علي وما أكثرها في حياتنا المخيفة .. 
أكتب ذلك وأنا أستعرض مايحصل لنا , شرفنا هو شعبنا , فقرائنا , أطفالنا ونسائنا , وكل أهلنا , جميعهم منتهكون , من قبل الأرهاب و الفساد و تبعاته في الفقر والخراب و ثراء البعض على حساب الغالبية دون أدنى حساب , فهم يتسترون بالدين و بديمقراطية لم نر منها الا الأسم ...
الا يوجد عندنا ( حليم ) أو حكيم بحدّه الأدنى لينتشلنا من واقعنا الذي شاعت فيه الفواحش وأصبح الفساد مستشريا" كشربة ماء تتكرر أحال بلادنا الى جذوع نخل خاوية و فقرائنا الى هياكل حافية فأصبحوا للحالمين كابوس وهاجس يدنس أنسانيتنا وللحريصين مرضا" مزمنا" , وما أشبه قصة حليم بمايجري عندنا عدا فرقٌ واحد مختلف وهو أن لاوجود لحد الآن ل (حليم ) عندنا ....
أنتهى - محسن لفته الجنابي
 19-9-2012 

المقال على موقع الحوار المتمدن شرفونا بزيارتكم

السبت، 15 سبتمبر 2012

المقاهي بين الأمس واليوم



السلام عليكم أخواني الأعزاء
 سالفتي بكهوة ( كمبش ) الله يرحمه..... قبل لا أدخل الكهوة كنت مرتبك وخايف لأن بصراحة مامتعود أكعد بالكهاوي  (ما أدري ليش يمكن يتراوالي محمد الملج اللي كان يدور على الطلاب اللي يكعدون بالكهاوي ويجرهم من اذاناتهم ويبسطهم ثاني يوم بالمدرسة) المهم دخلت بس المفاجأة هي اني لكيت الكهوة فارغة ولا واحد .... تسائلت ليش ؟؟؟ كالولي الكهاوي صارت قديمة وهسه محد يكعد بيها بس الشياب الميكدرون يفترون بالسوك ... لو الشباب المحششين (أهل الناركيلات) تذكرت سالفة عبد الحسين المراد اللي سولفه الي قبل كم يوم : يكول طبيت بكهوة  (ما كال ياكهوة ) ردت أشرب أستكان جاي ولمن طلبت من الجايجي يجيبلي جاي تعجبوا أهل الكهوة اللي كانو كلهم شباب بريكيه و كامو يباوعون علية بأستغراب واللي ميباوع علية يباوع بوجه صاحبه كلتلهم : ها أخوان شنو السالفة شكو ماشايفين واحد لابس عكال !!! .... كال واحد منهم : لا ماكوشي بس أنت أول معكل يطب للكهوة من فتره كلش طويلة والنوب يطلب جاي ومايطلب نركيله بالأول, يكول همزين طلعت السالفة هيج مو غير شي , عبالي منعو الجاي .... ما أطول عليكم طفر أبو علي وعاف الجاي وراح لأهلة وما خلا واحد من بغداد والمحافظات المجاورة ما سولفله سالفته بالكهوة



المهم نرجع لسالفتنا عن الكَهاوي
 ॥ كان عندي صديق اسمه محمد (ابو أحمد) بيته بمحلتنا  في فترة الثمانينات والتسعينات كان سرّه مدفون بكهوة المصري ويداوم دوام رسمي مال جيش بيها من الثلاثة للخمسة ونص بالشتا ...ومن الاربعه للثمانية بالصيف وكنت أدري بيه يروح علمود يلعب دومنه ويه واحد يصيحوله (ابو حيدر ) رجال سمين يلبس دشداشة ويلعبون من جايات واليخسر يدفع فلوسهن وكثير من المرات كانوا يصيحولي لما امر من يم الكهوة ويحلفون ميت يمين لازم أشرب جاي وبقا ابو أحمد على هالحال سنين وفد يوم من الايام كان جمعه على ما أتذكر أندكت علينا الباب الصبح بالعشرة واذا أم أحمد العلوية (زوجة أبو أحمد )هي واولادها بالباب ... ها تفضلي أختي أم أحمد هلا بيج .... كانت ساكته بالبداية بس وره لحظات أنفجرت وكامت تتكلم بعصبيه : خويه ابو علاوي أنت صديق محمد (تقصد زوجها أبو أحمد) وتعرف كل سوالفه وأريد أحلفك بكلام الله ..... بعدهه تحجي بس اني قاطعتها : شكو شنو ليش ما أفتهمت .... شبيج ... على كيفج خل نفتهموبعد ان هدأتها كامت النوب تبجي ...... يابا ... يامعوده .... المهم وره شوية أفتهمت السالفة . المرة عبالها رجلها ( ابو أحمد متزوج عليها ) .... طبعا هية حلفتني ولازم أجاوبها بالصحيح وكلتلها : نعم أبو أحمد متزوج عليج وقبل لا تصيح يبوووووووه حلفتها انو تسكت خاطر أكمل كلامي .... والله سكتك وكملت كلامي : أبو أحمد صدك متزوج ...... متزوج الدومنه اللي بكهوة المصري واذا تحبين تشوفينه تعاي أنت وأحمد وأسعد (اولادها ) شوفيه بكهوة المصري يوميت الفرد يلعب دومنه ويه ابو حيدر السمين......... طبعا ابو أحمد مدمن مال كهاوي موطبيعي بس وره الأحداث مال 2003 تغيرت حاله وصار يشتغل (سبحانه مغير الأحوال ) كام يروح للبصره ويجيب غراض ويبيع والنوب كام يجيب سيارات وصعدت أموره ويستاهل لأنه طيب وخوش ولد وبيناتنا صداقه مستمره وقوية..... اخوان أخذتنا السوالف والتهينا وما وصينالكم على جايات ...... ابني جودي : جايات للجماعه !!







محسن لفته الجنابي


 / تشرين الأول 2201०

مركز علي الوردي - الدكتور علي الوردي يحيا من جديد


تمر علينا اليوم الذكرى الثانيّه لتأسيس مركز علي الوردي للدراسات والبحوث اللذي أسسه باحث الأجتماع القدير الدكتور صباح عبود أبراهيم , مع نخبة من المثقفين والكتّاب والفنانين , ليؤسسوا عمليّا" و للمرّة الأولى في تاريخ بلاد العرب والمسلمين , لنظريّه المجتمع المدني المتكامل و اللذي وضع لبناته الأساسيّه المفكر الراحل الدكتور علي الوردي في مؤلفاته الخالده وأطروحاته التي تتميز بأنها التحليل الأصدق لطبيعة مجتمعاتنا , خصوصا" مجتمعنا العراقي
.
لا يختلف أثنان على أن مؤلفات الدكتور علي الوردي وضعت الخطوط العريضة لبناء مجتمع متحضّر تسوده الفضيله وتكون الديمقراطيّه هي الفيصل فيما يتعلق بالسلطه و القوانين والدستور وحماية الحقوق المدنيّه , بل أن تلك الخطوط تمثل برنامجا" ناجحا" لأدارة الدوله بالصورة الحديثة , وربما سائل يسأل , مادام عندكم الحل الأمثل لاَفات نهشتنا وصراعات أتعبتنا بل حطمتنا , لماذا لم نضع مؤلفات الدكتور علي الوردي مسارا" أو خارطة لطريقنا , مادامت تؤدي بنا الى بر الأمان و تجعلنا بمصاف المتطور من البلدان , سيكون جوابنا بالتأكيد , أن المثقفين في مجتمعنا تأثروا بفكر علي الوردي , كل على حده , ولم تجد تلك الأفكار لها طريقا" للوصول الى الوعي العام للمجتمع , و هنالك عدة أسباب نعود الى كتب علي الوردي نفسها لتكشفها , فالساسة الشموليون و البعض من المعممين و أفكارا" مطمورة في نفوس البعض منّا كانت هي السبب في أبطاء التطبيق لفكر الوردي , ولكن بعد أحداثا" جسام خلال ما مر في القريب من الأعوام , و برز الصراع على أشده بين مؤججيه من شتى الأصناف , أعداء أذكياء وجهلاء , مدفوعين بسيل مؤامرات يحوكها أحتلال من الأميركان الغرباء , هم الأكثر غباءا" في تحليلهم للمجتمع العراقي ومعرفة تركيبته الجدليّه , فكانت الوصمه التي تركت أثارا" واضحة على ماتبع الأحتلال من حكومات تسمى وطنيّة وأنتخابات ديمقراطيّه يرشح فيها فقط من أتى مع المحتل أو رضخ لخطتّه التي يسعى من ورائها الى تدميره , أنزوى المجتمع العراقي بعيدا" , وأغلق عامّة أبنائه أبوابهم عليهم منغلقين, وأسدلوا الستائرمتراجعين , ففرغ العراق من مجتمعه , فأصبح البلد الأول في العالم , اللذي يحكمه أغراب , بينهم وبين الشعب ألف وادٍ و واد, فعم الفساد , وأستحال الوطن الى خراب , ولكن هل نستسلم للمصير ونكون مثالا" للتعيير بالسيء والرذيل , كلا وألف كلا , فنحن سليلي الحضارة , نملك الدواء لكل العلل فموروثنا زاخر , وعلمائنا و مفكرينا تنبئوا بما يحدث الان منذ قرابة قرن ان لم يكونوا أستشعروه منذ الاف السنين , ومن هنا كانت البداية .
حيث قام الباحث الدكتور صباح عبود أبراهيم مع ثلّه من الأخيار وبدافع وطنيًّ خالص بأنشاء (مركز الدكتور علي الوردي للبحوث والدراسات) فكان صاحب الفكره و الجامع للصفوه و صمام أمان فريق العمل , باعث روح التعاون و أسترار التواصل ,وشاركته الفنانة والكاتبه (عالية الوهاب ) التي نعجز عن وصفها , فهي تارة شاعره , وأخرى فنانة من الطراز الأول وأخرى عراقيّه بسيطه من لب العراق , فكانت الأبنه البارّه لبلد الحضارات , وأنتفضت الكاتبة (نيران العبيدي ) ونحن محتارين كثيرا" في تحديد هويّتها فهي تتقن كل اللهجات و لايخفى عنها مايجري في حواري بغداد أو شناشيل البصرة , حتى تعلمت منها أن المرء هو أبن لكل البلد وأن المناطقيّه سيئة , أسسها منظر فرّق تسد , و كانت الأنتفاضة مستمرّه , (الأستاذه أقبال الجميلي ) المتألقه و(الأستاذة الرائعه أنعام الونداوي ) ومبهرتنا (الأستاذه باهرة الشيخلي )التي ألهمتنا الكثير و الكاتبة المتميّزة (الأستاذه شذى أحمد) التي تطرق كل ماهو غير مطروق من أدب المجتمع , وشاعرة المعلّقه الثامنه (الأستاذة كوثر نجم عبد الله), و(الكاتب عمر علي) القريب الى القلب اللذي يسبر الغائر من باطن أمور المجتمع العراقي و شاعرنا الوفي اللذي شرب ماء الحياة من كثرة تقليبه في بواطن الكتب (عدنان الدوسري) و المفكره (أنوار الوزّان ) و المتفاني (المهندس ناثر) والوطني اللذي رهن روحه للعراق (أستاذنا سلام الشماع) و(الأستاذ وليد الجنابي) اللذي يستحق كل الثناء أينما حل وكان, واخرون من نخب المثقفين , ولا ننسى عمالقه العراق اللذين رعوا المركز (الأستاذ سيار الجميل و محمد مظفر الأدهمي) , فكانت نعم البداية , وأسمى دوافع الهداية الى مجتمع مدني حر , أفكاره صروحا" بنائيّة نحو غدٍ مشرق والفضل لمن جعلوا التبصير أحترافا" وهوايّة , وأصبح المركز أنموذجا" للمجتمع العراقي بصورته المصغرة , وأثبتوا أن الفريق سينجح بالتعاون والتحاور , كل واحد يكمّل الاخر , جعلونا نقف حائرين الى من ينتمي هذا العضو أو ذاك, أي عرق ودين , لشدّة ماكانوا للذات ناكرين , نقف مذهولين , فكانت النتيجه , أن المأرب قد تحقق بالتنوير بأفكار مفكرنا الخالد (الدكتور علي الوردي) ليدخل الى المجتمع من أوسع أبوابه , الى كل المجتمع , فالمريدون كثيرين , والمعجبون يزدادون , فأصبح المركز قبلة للناظرين بجهود الخيّرين , فهاهو فكر (علي الوردي) ينهض من جديد , بل أن مفكرنا الخالد حي يرفرف بروحه حولنا بوجودكم أيّها الأخوة , أليكم منا أساتذتنا الأفاضل أسمى و أنبل تقدير

شمس الحقيقة والأثر الكبير للعلامة الوردي



مررت في مكتبه عتيقة يوم أمس , ساقتني لها لحظة عشوائية , فأستقطعت من وقتي اللذي جلّه هباءا" منثورا" في رياح الفوضى التي يسمونها حياة , ترجلت و لمحت صاحبها , كان نوعا" نادرا" من بني البشر , أولئك اللذين يقدرون ثمن الكتب وماتحوي من كنوز , سألته دون مقدمات , ما هي أكثر الكتب مبيعا" عندك , أجابني وهو متفاجيء وكأنه يرى موظفا" من الضرائب : أنه كتاب وعاظ السلاطين , هدأت قليلا" وبادرته : هل لديك نسخة للبيع ؟ أجابني بحسرة : كلا فكل النسخ و بجميع طبعاتها نفذت , سألته ثانيةً : ومن يأتي بعد هذا الكتاب في نفس السياق؟ أجابني : أنها مجموعة اللمحات الأجتماعية !! ومن بعدها ؟ أجاب: مهزلة العقل البشري !!! و بعدها , أجاب: خوارق اللاشعور , وبعدها وبعدها , كانت أجاباته عن الكتب العشرة الأكثر مبيعا" في أحد أكبر مكتباتنا العريقة هي مؤلفات العلامه الدكتور علي الوردي , حقيقة لمستها أمس أفرحتني كثيرا" وأثلجت قلبي اللذي ألمت به فاجعة , مثل تلك الفواجع التي تنهمر على رؤوسنا يوميا" في عراق كتب على جبينه حزن لازمه منذ ولادة أوائل السومريين , أبتسمت أخيرا" و انتشيت من النتيجه , فالتنوير يجري على قدم وساق ومريدي أفكار العلامّة الوردي في أزدياد يمكن أن يصل يوما" الى الشمول , حينها سيولد الأمل ببناء مجتمع متحضر دون أمراض وأحقاد وضغينه , رحم الله مفكرنا الحي في ذكرى وفاته السنوية , التي بدأت تظهره أكثر حيويّة من الأحياء أنفسهم , تحية الى العلامة الخالد , وتحية للدكتور الباحث صباح عبود ابراهيم وفريق عمله اللذين احيوا فكر الوردي من خلال مركزهم التنويري الرائع اللذي اصبح قبلة ابناء العراق اللذين يقدمون مصلحة العراق ومجتمع العراق على كل مصالحهم , ألف تحية لكم زملائي وأخوتي الأعزاء .
محسن لفته الجنابي كاتب عراقي 
15- 7-2011

عندما يتوّج الاجرب ملكا"

القصة في موقع كتابات




كان في قديم الزمان رَجلٌ أصيب بالجذام ولم يكن حينها من دواء لهذا الوباء المدمر للبلدان , فقرر أهل قريته وعائلته معهم أن يتركوه في الدار ويهربوا بجلدهم خوفا" من العدوى التي قد تصيبهم , فهم لايملكون أمام هذا القدر القاتل ما يحجّمه الا الحرق في النار , فهربوا الى جهة امنه وتركوا له مايبقي نفَسُهُ بين الصعودِ والنزولِ , ودارت الأيام حتى شاء القدر نفسه أن يشفي الرجل بعد حين مما أصابه , لكنه ترك على جسده بصمات واضحه , فجلده متقرّن وعيناه مشوهتان , وشعره قد سقط فأمسى مسخا" كان يوما" بشرا" , وهام في البيداء يبغي الناس , حتى وصل الى مشارف بلاد كانت تعج بالضجيج , أهلها منقسمون , قسم يبكي والاخر يرقص , حزينون و فرحون , تبيّن أنهم يشيّعون جنازتين , أثار ذلك التناقض فضول صاحبنا القادم من الموت , فسأل البعض عمّا يجري , فقال له الحضور :
أن ملكنا قد مات اليوم , ونحن أشد مانكون حزناّ عليه , فسألهم وماذا عن الجنازة الثانيّة , فقالوا : أنّه جار الملك , فأن دستورنا اللذي وضعه ملكنا قبل أن يموت ينص على وجوب قتل جار الملك الواقع على اليمين , حين يموت الملك , ليكون له أنيسا" في وحشته بعد دفنه معه , فبادر الرجل بالسؤال : وماهوسبب مظاهر الفرح لدى البعض الاخر : فأجابوه بأن اليوم سيتم أختيار الملك الجديد , فبادرهم : وكيف , قالوا : سيتم أطلاق طير , و حين يهبط على رأس أحدهم سيكون هو الملك .
دُفِن الملك و جاره اللذي على اليمين , وبدأت مراسم الأختيار للملك الجديد بعد تجمع كل الرجال من كل البلاد و اٌطلق الطير, فطار وطار , حتى هوى على رأس صاحبنا ( الأجرب) وهبط عليه , فكانت المفاجأة التي هزّت الجميع حين نظروا اليه , فهو أجرب , مشوّه , غريب , لا يمكن أن يكون ملكا" على أصحاب البلاد , فطالب الجميع بأعادة الكرّة , وهتف الحاضرون , ليحبس هذا المسخ , وحبسوه في زنزانة لايوجد فيها الا فتحة صغيرة , لدخول شعاع الشمس , وأعيدت القرعه , و أطلق الطير مرّة أخرى , فطار , وطار , ولم يهبط على رأس أيٍّ من رجال البلاد , بل ناور وأنحرف نحو الزنزانة التي وضع فيها صاحبنا الأجرب , ودخل من فتحة الشمس وأستقر على رأس الرجل عينه , فكان البرهان , اللذي ما بعده برهان , أنه القدر , أختاره ولا حول لنا ولا قوّة في الأمر , صرخ كل الرجال , و هتفوا بعد أن أخرجوه من الزنزانة , عاش الملك , عاش الملك , وصاحبنا مذهول , كلمة واحدة لا يعرف أن يقول , و بعد تيّقنه من المنصب و ما ال اليه من مكسب , أستجمع قواه و صرخ في الجمع الممجد فيه , يا قوم , يا رعيّتي , دستوري الجديد يقول :
يدفن حين أموت جاري اليمين والشمال , وكل ماحولي من الجيران , كل الشعب الغبي سيدفن معي , مادام أختار غريبا" مشوّها" جربان .
ما أشبه أحداث هذه القصة  مع ما جرى ويجري في الكثير من البلدان , حين يكون قدرهم أن يولّوا المسوخ والغرباء وربما الأقرب للشيطان , منهم الى الأيمان , والأغرب أن يقرروا مصيرهم بطريقه الأنهزام والأستسلام , هل من أستيقاظ ولا أقول (صحوة ) فقد أحترقت تلك المفردة مع ما أحترق بسبب الجذام .
محسن الجنابي
14-4-2011

حكايات تراثية من وجهة نظرٍ عراقيّة - وافق شنٌّ طبقه


كان ياماكان في جميل العصر والأزمان رجلٌ حكيمٌ يدعى (شَنٌّ) , يبحث عن أمرأة تكون له زوجه تلائمه, أشترط أن تكون عارفه وبالأمور وارفه , فهام على وجهه في بلاد الله الواسعه يمتطي فرسه, بحثا" عن تلك المواصفه , وفي غمرِّ جولته , لقى كهلا" فارسا"ليسأله ويؤانسه حين سيره ولينادمه :
أتحملني أم أحملك ؟
أجابه الشيخ ضاحكا" : كلانا نمتطي الدواب , فليس لسؤالك من جواب !!
بادره (شنٌّ) حين أصبحا في مرجٍ لزرع أخضر مثمر نما : هل أتى هذا الزرع أؤكله ؟
ضحك الكهل قائلا": أنه مثمر كما ترى , فما لسؤالك من جواب!!
صادفتهم في طرقهم جنازة لأحد أبناء المنطقه , سأل صاحبنا المشيعين مثل ما سأل أسئلته المحيره :
هل أن صاحب الجنازة حي أم ميّت ؟
فقابلوه بأبتسامه الرد على المجانين و أنتهض الكهل لينقذه , ويدعوه الى منزله و يضيفه , أكراما لقدسية الجنون و المرض , فقد تأكد أنه مجنون وبالأمور لايفكر مثل الأسوياء المراعون للعرف وما أتفق عليه الناس في السؤال والجواب , وأنزله ببيته في مكان الضيوف , وذهب ضاحكا" لأبنته الوحيده وأسمها (طبقه ليخبرها , وقال لها أنه أتى بمجنون ليكرمه , وحكى لها كل ماجرى , فأجابت طبقه أباها أن الشخص اللذي أتى به للمنزل ليس بمجنون , بل أنه بليغ ذو ذكاء متقد وللمفكرين يفتقد !!!
وأسترسلت طبقه لتوضح كل الأجابات , لما طرحه (شنٌّ) من أسأله :
أبي العزيز , حين سألك : أتحملني أم أحملك , يقصد بها هل ستتحدث ألي أم أتحدث أليك أثناء سيرنا , فالحديث يا أبي ثقل يرمي به صاحبه على المستمع , ويكون عبئا" على المتلقي , يحتاج الى صبر وحكمه واجب أن يتحلى بها المنصت للكلام كي لا يثار بأفكار , تهدم حتى العظيم من الديار

أما سؤاله عن الزرع يا أبي : فهو يسألك هل أن أصحاب الزرع قد أوفوا حق الله والناس وأنه خالص من كل دَين أو مثلبه .

وعن سؤاله عن صاحب الجنازة : فهو يقول هل الميت له أبناء , فأن كان له أبناء فهو حي , يبقى أسمه ونسله و لايختفي أثره .

تعجب الكهل من حكمة أبنته , وعاد لضيفه (شنٌّ) ليعتذر , وأخبره , بما أجابت أبنته

أبتسم (شَنٌّ)  و نظر للرجل نظرة من وصل الى المرام ونال في سعيه قمّة المقام , وطلب أبنة الرجل له زوجه , بعد أن أطلعه على حكايته و سعيه , فوافق الكهل على الصفقه , فمن مثل (شنٌّ) يلائم أبنته وفلذته , فأخذ (شَنٌّ) (طبقه) وعاشوا في تطابق لوجهات النظر نفتقدها كثيرا" الان , فالجدل أصبح عقيم والقصد باتَ سقيم , فالأفكار لايراها المتلقي كما نراها نحن مطلقيها , والعكس بالعكس , وترى الناس زعلانين وماهم بمتحملين لبني جنسهم بل على الجميع ناقمين  , ولسان حال الجميع يقول : الناس أحدى وسبعون فرقه , أنا وحدي الناجي , أنا وحدي الأفضل وأنا وحدي الأعلم , وكل البقية الباقية من العالم اللذي تجاوزت نفوسه سبعه مليارات نسمه في النار !!!
أمنياتي أن نكون  متقبلين لرأي الاخرمتحضرين , متأدبين , بروح الحوار الراقي المبني على الأحترام , كل الأحترام , فالاخر أن لم يكن من نفس ديننا فهم نظير لنا في الخلق كما قال الصالحين منّا , ودمتم سالمين و جمعه مع كل الأيام مباركه عامرة بالأيمان والثقافه والفضيله , ودمتم سالمين .
محسن الجنابي 18-11-2011 

البهجة المصريّة في الثقافة العراقيّة .. أهرام أخبار جمهوريه



البهجة المصريّة في الثقافة العراقيّة

ياليتكم كنتم معنا فنفوز فوزا" عظيما

سلام من الله على المصريين , فهم يدخلون
البهجة في نفوس الواثقين والحائرين وفي شتّى الميادين , أسماهم الشيخ الكبير(والدي
رحمه الله)  بعيايرة مصر , ليس
أنتقاصا" بل ليرفعهم  الى مراتب
الشطار و العيّارين ولكن ببرائه الملائكه لا كيد الشياطين, فيهم سرعة البديهة  وذكاء يزرع البسمة في أصعب مواقف الصراع
الأنساني المستديم ,  رأينا ذلك
جليّا" قبل أيام و كيف تعاملوا بسخريّة تثير الأعجاب و يتسللوا  لمبارك من تحت الجلباب , رددوا (أرحل ياريّس) و
كان لهم بدهائهم وصبرهم ما أرادوا وتحقق كل ذلك بقليل من التضحيات وكثير من الكلام
و الطرائف التي تملك من القوّة مايزلزل عروش الحكام وأنظمتهم التي في واقعها خليط
من الطرّهات, وكان للمجتمع العراقي فيما سبق حصّة من ثقافة النكته  المصريّه, فأقتبس العراقيون منهم  الجرأة و من خوفهم رموها على المصريين وهم من
العمال الوافدين مع ثمانينات القرن العشرين 
, فجاؤا للعراق والنكته  تسري
بدمائهم والطبع اللذي فيهم عن النقد لا يثنيهم  فكانت لهم طرائف النقد  للموقف اللذي يقف الجميع خانعين في التطرق له , فالويل
كل الويل لمن يشير ولو بالتلميح لما كان يجري في العراق حينه ,  فهو نظام لو ألتزمنا جانب الأنصاف , وقيّمناه
دون نعرات وأسفاف , لكان نظام الحديد و النار بالحروب وكبح روح التخيير الى المطلق
من التسيير .

فقال المصريون : أسمك بالقاطع ماشي وأنتَ
ماتدراشي يا كَدع , وتعني أن أسمك قد أتى في قائمه من يذهبون الى جبهة القتال في
الحرب مع أيران بقاطع الجيش الشعبي ! وماعليك سوى الأستسلام فالأمر قد صدر وكان واللحن
مشتق من أوبريت الليله الكبيره المعروف بسخريته من واقع المصريُّ الأنسان.

يلا بينا يا أبراهيم الشوش موّلع , وتعني ان
جبهة القتال في قاطع (الشوش) مشتعله ومصير الجميع هو الموت , وان وقت الهرب قد حان
!

ألف مرّه جبان ولا مرّه الله يرحمه , وهي
سخريّة من الحروب التي يكون فيها المنتصر خاسرا" فهي عبثيّة لا معنى لها وأثتبت
ماتلت من السنين نبوئة الأخوة المصريين.

هم ظلمه هم جلاب هم فراريّه , بطلت أبيع
الفول في الحتة ديه , وينتقد فيها أوضاع البلاد , حين كانت بعض المناطق مليئة
بالهاربين من الجيش و الاخرين في جبهات القتال و تصف الوحشة التي سببتها الحروب,
حيث تصبح كل الأمور تسير بالمقلوب ( علما" بأنني كنت لا أحفظ سوى النصف الأول
من البيت أكمله لي الكاتب المبدع الساخر عمر علي)

فأجابهم العراقيّون : ودّونا للجبهة نقاتل
.... رجعونا نتشاقى وياكم !! وهي أستعارة متبادله عراقيّة اللفظ مصريّة المنشأ تشبه
شكليا" ما أطلقه المصريون مؤخرا"(أرجع ياريّس ... كنّا بنهزّر معاك )

لقد خسرنا خسارة كبيره (نحن في العراق )
برحيل المصريين بسبب الحرب عام 2003 ولو كانوا موجودين الان لألهمونا الكثير لنغير
من واقعنا نحو واقع أفضل سلام للمصريين اللذين يواجهون المصائب مبتهجين.

محسن لفته الجنابي

22-4-2011

مصطلحات عراقية : مسودن وبيده فاله , حاط خنجره بحزامه !!


مصطلح (المسودن ), هو عراقي خالص لاتجده في مفردات أي بلد اخر , جاء كتصريف في محل نصب للمفعول به والفاعل (سيّد) , أي أن السيد (وهو لقب يطلق في العراق على كل من ينتسب لسلالة رسول الله محمد... عليه الصلاة والسلام) قد ضرب شخصا" في عقله ليصبح (مسودن) والمفعول به مجنون غير كامل الأهلية ونقول شوّر السيد أو العلوية , أي أن شارة الهية جائت عن طريق أحدهما ككرامة منحها الله تعالى كونهم من المقريبين له جل وعلا وعظم شأنه , وهذه الشارة حين تصيب أحدهم فهو لا يحاسب ولا يعتب عليه , ويصف العراقيون الشخص الجاهل بالأمور لكنه لأتفه الأسباب يثور ليبدر من فعله مايذهل العقول ( بأنه مسودن أو مشوَّر بيه) وبمرور الزمن أصبح المعنى فضفاضا" ليكون حال (التشوير) من الفعل (شوّر) لا يقتصر على السادات فقط , بل أتسع ليشمل كل أنسان ورع تقي حكيم , ليسع عامة الناس من الأجلّاء أيضا" , فيمكن أن يكون الشخص (مجنونا" ) على يد شخص له كرامة (من عامة الناس) بحسب مفهومنا الأجتماعي ليسقط أحد الضحايا و يصبح (مسودن) درجة أولى !!ويطلق أهلنا على المسودن صفات متعلقة بالأصل للمفردة , فأبو السوادين : هو من أصيب بأكثر من أصابة مما سبق , او (أبو الشارات ) و (مشور بيه ) كتعظيم لصفة مسودن .وكما هي عاداتنا في التكبير والمبالغه في الوصف , أصبح مصطلح ( مسودن وبيده فاله) , واللذي أنطلق أصلا" بحسب المصادر من مدينة العمارة في محافظة ميسان الأقرب الى حضارة أجدادنا السومريين كمصطلح يشير الى الشخص المجنون اللذي يحمل سلاحا" خطيرا" مدمرا , فالفالة هي احد اسلحة الصيد عرفت في العراق ايام السومريين حين كانوا يصطادون بها الحيوانات المفترسة والأسماك في أهوار العراق , وفي المفهوم العراقي الان فأياك أياك أن تقترب من شخص له هذه الصفه , فهو سينقض عليك ليلتهمك ويجعلك رمادا" في يوم ريح عاصف , لا تجادله , ولا ترشده , ولاتعلمه , وأن سألك , أجبه القول وأقصره بأنك لا تعلم , وأرهبه لفترة و باغته بالخلاص بأن تقول (الله أعلم) فأن الزمن قد توقف في مخيلته , ليرى نفسه أفلاطون زمانه , وسقراط الفضائل , وأينشتاين عصره , كفانا الله شرور أمثاله . وفي وصف أخف مما سبق فأن العراقيين وصفوا الشخص اللذي يثور لأتفه الأسباب , ويزعل مهما كان الخطاب , ويكون ندّا" لكل محدّث دون أن يعطي أي جواب بأنه (حاط خنجره بحزامه) وهي صفه مظهرها أن يكون الشخص متمنطقا" للخنجر (الخنجر سلاح أصغر من السيف أرتبط بمفهوم الغدر لدى عامة الناس) , ولازال العراقيون يستخدمون تلك المصطلحات , بل أن أستعمالها زاد من حيث عدد المرات, ربما الأحداث السريعه وما صاحبها من تداعيات والتي تمر بنا كل يوم من قتل وحروب وتفجير ومجهولية المصير والتي جعلت الناس في شد وجر , فيهم من يشتري المشاكل ومنهم من يتجنب الشر , أو ربما لظهور أعدادا" غفيره ممن يحملون الصفه المذكورة تناسبا" مع الزيادة المضطردة مع زيادة عدد سكان المعمورة

الموضوع لايمس لا من بعيد ولا من قريب أي أشخاص قد يتصوروا  أنهم المقصودون - محسن لفته الجنابي