الجمعة، 14 سبتمبر 2012

حصار الأستحمار لا يزال

هنا القصة القصيرة

كان زميلي (ن. ض حسين) مكتئبا" شاحبا" قليل الكلام لا يستجيب لما حوله , أثارتني حالته فسألته :
مابك أخي أبا علي , هل من أمر جلل حدث, أتوفي أحدٌ من أحبابك ؟ أنتَ نائب ضابط في الجيش ومن الدرجه الممتازة في قوات النخبة وتعيش افضل من الكثير , ولا زلت ألح عليه بالسؤال حتى تجاوب معي
وأجابني بعد ان أنفردنا عن الجمع الغفير في المعسكر والحزن يأكله : أخي العزيز تعرف جيدا" أنني من اهالي شهربان (قضاء المقداديّه ) لا أعرف أحدا" في بغداد , أقضي من الشهر ثلاثه أرباعه بواجبي في الجيش و أتمتع بأجازة أقضيها في قريتي , لا يؤنسني سوى ذهابي لمطعم في الشواكه كنت اكل فيه الكباب حتى اشبع وتعودت أرتياده في الذهاب والأياب ليصبح ذلك المكان جزء من تكويني و فرضا" من طقوسي الشهرية , حتى مررت به كعادتي حين عودتي , فكانت الطامّة الكبرى , فقد وجدته مغلقا"
بادرته على الفور : يا أخي المطاعم كثيرة في بغداد ولابأس أن ترتاد غيره , ( شنو) المشكله ؟
أجابني والحزن يعتصره : المشكله ليست في أغلاقه , بل بطريقة أغلاقه
سألته : كيف هي طريقة أغلاقه ؟
أجابني : لقد وجدت لافتة كبيره , كتب عليها بالخط العريض (أغلق المحل لعدم مراعاته لتعليمات وزارة الصحة )
قلت له : وماذا في ذلك يا أخي , ربما لم يرتدي أحد عماله غطاءا" للرأس أو السترة الخاصة بالمطعم فأغلقته الرقابه الصحية !!
أجابني وقد بكى , ثم أنتقل الى عويل و شكى , وقال لي يا فتى : أنني تحريت عن سبب أغلاقه من أصحاب المحلات المجاورة فأخبروني بحقيقه أغلاقه
وما هو السبب ياترى , سألته ؟
أجابني و لم يجب , يصرخ ثم ينتحب : لقد أغلقوه لأنه كان يستخدم لحم الحمير !!!!
لزمت الصمت ولم تسعفني الكلمات لغرض المواساة , لكنني مع ذلك واسيته , بكلمات مبهمة : بسيطه , ميخالف , انتَ من صنف القوات الخاصة التي تأكل كل شيء , تتذكر التدريب , حين طاردنا كلبا" أجرب وأمسكناه , وأمرنا المقدم ان نعضّه بأسناننا , و لاتنسى اننا أكلنا أرنب بري أيضا" في التاجي , هل نسيت النباعي وبسمايه والراشديه , الفرضيات في النخيب والرميله الجنوبيه و حرب ايران والكويت .... الخ .
صرخ بوجهي ليوقفني : يا أخي أشد مايؤلمني أنني كنت مصابا" بأعراض الأستحمار ليس بعد أول وجبة أكلتها في ذلك المطعم المشؤوم حسب , بل قبلها بعقود , كنت (أصفن ) كثيرا" , و أعمل دون كلل أو ملل وأرفع الأثقال وأسير أينما يريد رؤسائي , كل هذه الأعراض ولم أستشعر أو أفهم , أي حمار أنا , حمار حقير , حقير أنا , وبقي يصرخ ويصرخ حتى تراءى لي ان اذنيه قد برزت و نمى له ذيل طويل و أردت أن أضحك , لكنني خفت من نقمته لهول المصاب .
أجبته مواسيا" كالعاده : ولايهمك أخي حسين , حشر مع القوم عيد , فنحن كلنا حمير , نصفن في تأمل فارغ دون بصيص أو تبصير , ترانا سكارى وما نحن بسكارى , منقادون , هائمون , جل همَنا أن نكون , اكلون , شاربون و أن نقول لمن يرأسنا : صار و ممنون

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق