الأحد، 14 أبريل 2013

شوارب السبعينات و شيوخ التسعينات



كنتُ مع شقيقي  رحمه الله , في شارع الرشيد حينما رأيت (الأنضباطيه)  لأول مرّه وهم رجال الأنضباط العسكري اللذين يدققون في هويات المارّه بحثا" عن الهاربين من الخدمة العسكرية  , كان ذلك في العام 1976 , وشد أنتباهي تمنطق وجه كل واحد منهم بشاربين  يكون أمتدادهما على شكل مستطيلين معكوفين , بامتدادهما   متوازيين . الى نهايه ذقونهم ممتدين , تسائلت يدفعني فضولي  عن سبب حرص (الأنضباطيّة) على أطلاق تلك الشوارب  فأجابني شقيقي : أنهم يستلمون من خلالها مخصصات , تدفع لهم نهاية كل شهر , فباردته بالسؤال : كم يستلمون عليها من المخصصات ؟ أجابني : يعطونهم 35 دينارا" , قلت مع نفسي : أنه مبلغ كبير يضاهي راتب موظف في ذلك الحين , هنيئا" لهم , وبقيت تلك الحكاية تتبادر الى ذهني ربما لغرابتها , الى أن فهمت أن هؤلاء اللذين كنتً أحسدهم من (الأنضباطيّه) لم يستلموا دينارا" واحدا" لأجل (شواربهم) وان أخي قد أجابني بناءا" على أشاعه أطلقت في السبعينيات عن أصحاب الشوارب , وربما يكون للحكومة دورا" في نشرها , ففي تلك الفترة كانت سياسة الدولة العليا ثوريّة تقود نحو عسكرة المجتمع العراقي لتجعله شديدا" , جل رجاله  متبخترين , بشواربهم مغترّين , مرعبين ....والغريب أن تلك الأشاعه سرت كالنار في الهشيم , فأول من قلّد (الأنضباطية) هم سوّاق سيارات الأجره خصوصا" سوّاق التاكسي في كَراج العلاوي !!, الى هنا أنتهت الحكاية , لكنني أستذكرتها لموقف جديد حصل لي قبل أيام , حين ألتقيت مع جمع  من معارفي  , فبادرني أحدهم  بعتب شديد , أستغربته كثيرا" فعلاقتي به لا تتجاوز اللقاء والسلام , مرّه او مرّتين كل عام , لكنّه كان مصرّا" على ضرورة زيارته مرارا" وتكرارا" , فوعدته على مضض أن أزوره , وبعد مغادرته أستفسرت عن سبب ألحاحه وتغير أحواله , أجابني الحضور : الا تعلم , فأن أبو فلان يريد أن يكون شيخا" !! سألتهم : منذ متى , قالوا منذ فترة , أشهر أو أكثر , فنبهني جوابهم الى ظاهرة خطيرة , أراها كل يومِ وساعه , وهي أن الكثير الكثير , لديهم هذا الطموح , بأن يكونوا شيوخا" , و لسؤ طبعي في البحث والتقصّي سألت أحد الشيوخ الحقيقيين من اللذين عاصروا نوري سعيد والملك فيصل الأول فأجابني : يا أبن أخي هؤلاء فيهم مركَبٌ يسيطر عليهم واللبيب بالأشارة يفهم , وكان جوابه حكيما" يصيب جزءا" من الحقيقة , وليس كلّها , فالحقيقة كلها , هي أن مجتمعنا العراقي يمتلك مزايا فريده تمكنه من التأقلم والأنتفاع من كل المقدرات خاصّة مايتعلق منها بالأشاعات , فلربما هنالك أشاعه تقول : ان الشيوخ سيمنحون مخصصات , بل أن بعضهم قد منح فعلا" , والباقي في الأنتظار  , وراودني قلق أرعبني , فالرجال في مجتمعنا سيتحول جميعهم , عاجلا" أم اجلا" الى شيوخ معظمين , والنساء سيكنَّ زوجات وبنات وأخوات الشيوخ , فتصوروا حالنا , ونحن بلا عمال ولا موظفين  , لا معلمين ولا شرطة ولا كنّاسين  .... لا يمكن أن أتصور ذلك فهربت و تركتهم للشيخة يتهيؤن !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق